النتيجة صادمة ومفاجئة ومذهلة:
لبنان الذي يحتاج إلى كلِّ شيء في السياسة، يعيش من دون حياة سياسية ومن دون حركة سياسية، خمولٌ في طرح المبادرات، إستسلام للأمر الواقع، إنتظارٌ لكلِّ شيء من الخارج، تسليمٌ بأنَّ لا شيء يُحلُّ أو يُعالَج في الداخل، وتقطيعُ وقتٍ إلى أن يحدث تطورٌ نوعيّ ينعكس على الواقع اللبناني.
هل من إستنتاج غير هذا الإستنتاج؟
هل من فراغٍ أعمق من هذا الفراغ؟
ماذا يوجد في لبنان؟
مجلس وزراء يجتمع مرةً كلَّ خميس، وإذا لم يجتمع تتراكم بنود جدول الأعمال من جلسة إلى جلسة، تُجرى إتصالات للتعديل في الآلية، تنجح الإتصالات، يعود المجلس إلى الإنعقاد ثم يدب الخلاف من جديد لتعود الدوامة ذاتها!
كيف الخروج من هذا المأزق؟
لا أحد يعرف ولا أحد يملك الجواب.
الدولة في إجازة، هذا هو لسان حال الجميع من دون إستثناء، أما ما تبقَّى فتفاصيل بتفاصيل.
ماذا تفعل الحكومة حيال الإستحقاقات الداهمة؟
حتى الآن، الملفات أكثر من الإنجازات. وعلى سبيل المثال لا الحصر هناك ملفٌّ يقضُّ مضاجع اللبنانيين ويتمثَّل بوجود ألفٍ وخمسمئة مخيمٍ للنازحين السوريين في لبنان.
كيف يتمُّ التعاطي مع هذه القنابل الموقوتة التي يمكن أن تنفجر في أيِّ لحظة؟
الحكومة تبدو عاجزة عن مقاربة هذا الملف، خصوصاً أنَّه ما زال يتفاعل يوماً بعد يوم. فالأزمة السورية في أوجِها ولا مؤشر يدلُّ على أنها في مسار الإنحسار، وهذا يعني أنَّ مضاعفاتها لجهة النازحين ستستمر، وبما أنَّ لبنان هو الخاصرة الرخوة، فإن تبعات النازحين ستُلقى عليه.
بهذا المعنى ماذا يفعل لمواجهة هذا الخيار؟
حتى الآن لا جواب.
في المقابل، وفي موازاة القدرة على ضبط الحدود ولا سيّما الشرقية منها والتي يتولاها الجيش اللبناني بأقصى عزيمة وبأقلِّ قدرةٍ تسليحية، ماذا عن الأوضاع الأمنية الداخلية؟
ثمة مؤشرات تدلُّ على أنَّ الوضع الأمني يشوبه الحذر من إضطرابات تطال أكثر من منطقة، وربما تصل إلى بعض السياسيين والمسؤولين. وهذا الكلام انتقل من الهمس داخل الجدران الأربعة إلى صفحات الجرائد، فماذا يعني هذا التعميم؟
هل هو للتحصين والتنبيه؟
إنَّ الداخل اللبناني معتادٌ على مثل هذه الأمور بين الحين والآخر، لكن اتساع الحديث عن مثل هذه الملفات يثير البلبلة، لكنَّه في المقابل يُفترض أن يحثَّ المسؤولين والمعنيين على إتخاذ كلِّ الوسائل الآيلة إلى الطمأنة، فإذا كانت بعض الملفات تستطيع أن تنتظر فإن الملف الأمني لا يمكن ولا يجوز أن ينتظر، لأنَّه ملفٌّ مرتبطٌ بالإستقرار الإستراتيجي وليس مجرد ضبط الوضع.
هذا الإستعراض الداكن ألا يُفترض أن يحثَّ الحكومة على بذل المزيد من الجهود طالما أنَّ الشغور طويل الأمد؟
هل يُعقَل أن يكون هناك شغورٌ رئاسيّ وفراغٌ حكومي؟