Site icon IMLebanon

بين تفاؤلِ الناس وتشاؤم السياسيين … الغَلَبَة للناس

 

 

بعيداً من ملل التفاصيل السياسية وغير السياسية اليومية، فإنَّ السؤال الأساسي الذي يطرحُ نفسه بقوة في لبنان هو:

هل ما يعيشه اللبنانيون هو حالة إنفصام أم حالة إنفصال عن الواقع؟

الداعي إلى هذا السؤال هو نمط الحياة في لبنان وعلاقته بالسياسة:

السياسة في ذروةِ التشاؤم، والحياة في ذروةِ التفاؤل.

السياسة تراوح مكانها، لا بل تتراجع إلى الوراء:

أزمةٌ في تشكيل الحكومة، تصريف أعمال هو أقرب إلى تصريف صفقات سواء في المطار وهذا ما كَشَف النقاب عنه وزير العدل سليم جريصاتي أو في محارق النفايات أو في غيرها. ومن مفاعيل أزمة التشكيل تراجع الوضع المعيشي والإقتصادي، إلى درجةٍ أنَّ وزير المال علي حسن خليل، ووفق ما نَقَل عنه رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، يعتبر أنَّ المؤشرات المالية خطيرة.

هذا في تشاؤم السياسة، ولكن ماذا عن تفاؤل الحياة؟

لا مقعدَ فارغاً على الطائرات، لا في الرحلات العادية ولا في الرحلات الإضافية، لا مغادرةً ولا وصولاً. الطائرات إلى جنوب فرنسا وجنوب إيطاليا وجنوب اسبانيا وإلى تركيا واليونان وقبرص وغيرها، تغصُّ بالركاب، ومحظوظٌ مَن يجد مقعداً.

واستطراداً لا مقعد شاغراً في العودة، وكذلك محظوظٌ مَن يجد مقعداً إذا قرر التعديل في موعد العودة.

لا طاولة شاغرة في مطعمٍ سواء ساحلاً أو وسطاً أو جبلاً، وكذلك الملاهي، ومحظوظ مَن يجد طاولة في آخر لحظة، من دون أنّ يُسخِّر علاقاته العامة مع هذا المسؤول في هذا المطعم أو هذا الملهى أو ذاك.

لا سيارة أجرة متوقفة عن العمل، ولا إمكانيةَ لإيجاد شركة تأجير سيارات تستطيع أنْ تؤمِّن سيارات أجرة إضافية.

المهرجاناتُ الصيفية توزعت في العاصمة والمدن والبلدات والقرى:

من مهرجانات بيروت إلى مهرجانات بعلبك إلى بيت الدين إلى صور إلى طرابلس إلى جونيه إلى جبيل إلى عمشيت إلى زحلة، وإلى غيرها من البلدات والقرى، تُضاف إليها المعارض الحرفية والحفلات الترفيهية للأطفال ومهرجانات المونة وغيرها وحفلات الزجل التراثية.

ما هذا البلد؟!

في كفةٍ هناك مئة يوم من الصيف تعج بالحياة والسياحة والفنون والمهرجانات والفرح.

وفي كفةٍ أخرى هناك مئة يوم سياسية تعج بالنكد السياسي وعضِّ الأصابع وشد الحبال والتمترس خلف المطالب والشروط والحصص الوزارية.

وبين الكفتين، هل يمكن القول غير أنّنا في بلد يتحكم فيه الإنفصام السياسي والإنفصال عن الواقع؟

بلدٌ شعبه يُصِرُّ على العيش، وسياسيوه يصرون على إغراقه في الهموم والمشاكل والإحباط!

ومع ذلك، وعلى رغم كل ذلك، فإنَّ الشعب سيستمر في وتيرة عيشه وليستمر السياسيون في وتيرة إحباطهم، ففي النهاية تفاؤل الناس هو الذي سينتصر على رغم تشاؤم السياسيين.