IMLebanon

بين معراب والرابية

زيارة وزير الخارجية جبران باسيل إلى معراب قبل يومين كانت ملفتة بالرغم من شح المعلومات عن هدف صهر العماد عون من هذه الزيارة، وما إذا كانت جاءت في سياق حركة الاتصالات الناشطة للوزير باسيل لتسويق عمه الذي ما زال مصراً على ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية بمثابة أمر واقع يتوجب على اللبنانيين وقياداتهم أن يتقبّلوه حتى لا تضيع عليهم رئاسة الجمهورية وحتى الجمهورية كلها التي يبحث عنها العماد في حوار تياره مع القوات اللبنانية.

الزيارة بحد ذاتها مهمة وهي تندرج في إطار النقاش الدائر بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية بحثاً عن مخرج لأزمة الاستحقاق الرئاسي التي مضى عليها أكثر من ثلاثماية يوم، ولا تزال العقدة تكمن عند العماد عون الذي يتمسك بترشيحه ويرفع شعار أنا أو لا أحد، هذه الأنا التي تعكس جنوح عون اللامحدود على حساب مقام رئاسة الجمهورية وتجاهله كل الأصوات التي ارتفعت في البلاد وفي الخارج تدعوه إلى التخلي عن هذا الجنوح لأن حظوظه في احتلال رئاسة الجمهورية شبه معدومة، طالما أنه يصرّ على التمسّك بتحالفه مع حزب الله وامتداداته الإيرانية التي تتخذ من لبنان ورقة تضاف الى أوراقها الأخرى في حوارها مع المجتمع الدولي حول ملفها النووي من جهة ودورها في المنطقة من جهة أخرى وهو الدور الذي ترفض إيران بلسان مرشدها خامنئي أن تتحاور بشأنه مع الولايات المتحدة الأميركية وعبرها مع المجتمع الدولي.

فإيران التي توسع نفوذها في المنطقة العربية بعد وضع يدها على اليمن من خلال الحوثيين وعلى العراق من خلال الطائفة الشيعية الأكثر تعداداً ومن خلال الدعم العسكري غير المسبوق الذي تقدمه لها إيران ومن خلال وضع يدها أيضاً على النظام السوري المتمسك بالسلطة ولو على حساب الدم السوري الذي يُراق يومياً كالجداول الغزيرة والذي أودى حتى الآن بأكثر من مايتين وعشرين ألف ضحية سورية فضلاً عن الدمار شبه الشامل الذي أصاب البنى السورية التاريخية الحديثة والقديمة ولم يوفر حجراً أو بشراً، هذه الدولة لن تتخلى عمّا حققته من مكاسب في هذه الدول الثلاث وفي لبنان من خلال حزب الله الذي يقبض بفضل قوته العسكرية على القرار اللبناني، ويعطي لربيبته إيران حق الوصاية عليه واستخدامه ورقة في مفاوضاتها الصعبة مع المجتمع الدولي حول ملفها النووي من جهة وحول دورها كدولة إقليمية في المنطقة العربية والشرق أوسطية.

لا شك أن العماد عون يعرف كل هذه الحقائق الكفيلة بعودته عن قراره والإفراج عن رئاسة الجمهورية التي تعود للمسيحيين الذين يتعرضون لشبه الإبادة في هذا الشرق لمصلحة مرشح آخر يتوافق عليه مع غريمه الدكتور سمير جعجع وينهي هذه الحالة الشاذة بالنسبة إلى المسيحيين ووجودهم في هذا الشرق ما زال يتمسك برئاسة الجمهورية ويرفض مجرد البحث عن مرشح غيره لاحتلال هذا الموقع وطمأنة مسيحيّي لبنان الى مصيرهم بدلاً من التلاعب بهذا المصير تحت عناوين مختلفة لكن هذا الأمر يبدو بالنسبة إلى العماد ليس وارداً لأنه لن يتخلى عن الرئاسة الأولى حتى ولو أصبح لبنان بلا رئيس.