IMLebanon

بين خط أحمر لإيران وآخر لإسرائيل هل فُتح باب المساومات ورفع الأثمان؟

في موازاة المفاوضات التي تجري في جنيف بين وفدي النظام والمعارضة في سوريا والتي اسقطها النظام باستئناف قصفه المدنيين من اجل اجهاض التفاوض على المرحلة الانتقالية، على رغم ان المفاوضات الاهم تجرى بعيدا من الاضواء والجزء الاهم منها يجري بين روسيا والولايات المتحدة، رسم رئيس الوزراء الاسرائيلي ما سماه “خطا احمر” ابلغه الى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اثناء استقبال الاخير نتنياهو في موسكو وهو يتمثل في ان مرتفعات الجولان هي خط احمر بالنسبة الى اسرائيل قائلا انها لا بد ان تكون جزءا منها. وكان نتنياهو مهد لما ابلغه للرئيس الروسي الاحد الماضي حين ترأس اجتماعا لحكومته في الجولان معلنا ان هذه الاراضي التي احتلتها اسرائيل عام 1967 ستبقى اسرائيلية الى الابد. وفي مقابل ذلك سبق لايران ان حددت خطها الاحمر بالنسبة الى مسار المفاوضات وهو يتمثل في استمرار بقاء بشار الاسد في السلطة. اذ ان ايران بكرت في رسم خطها الاحمر في سوريا في الخريف الماضي حين بدأ الكلام الجدي على مفاوضات سورية سورية نتيجة اتفاق الولايات المتحدة وروسيا. اذ اعلن مستشار المرشد الاعلى للجمهورية الايرانية علي اكبر ولايتي ان الاسد هو خط احمر لطهران وعاد وكرر هذا الكلام في العاشر من الشهر الجاري بقوله ان رحيل الاسد بعد المرحلة الانتقالية هو خط احمر. بات هناك خطان احمران بالنسبة الى سوريا احدهما ايراني والاخر اسرائيلي فيما سقط الخط الاحمر الاميركي حين تراجع الرئيس باراك اوباما عن توجيه ضربة عسكرية لمواقع النظام السوري لاستخدامه اسلحة كيميائية ضد شعبه. ويوحي تحديد كل من اسرائيل وايران خطوطهما الحمر اقتساما لسوريا او ما قد يؤدي الى مقايضة انطلاقا من ان من يدخل السوق يمكن ان يبيع ويشتري بحيث ان ضمان ايران بقاء الاسد سيقابله حصول اسرائيل على مقابل مجز لها. ويبدو حتى الان ان الردود على اسرائيل كانت حازمة من الولايات المتحدة وبعض الدول كالمانيا والاتحاد الاوروبي والجامعة العربية على اثر ما اعلنه نتنياهو من ان الجولان سيبقى في ايدي اسرائيل الى الابد على نحو لا يوحي بامكان تساهل المجتمع الدولي مع ذلك. وهذه جميعها رفضت ما ذهب اليه نتنياهو الذي سبق لحكومته ولحكومات اسرائيلية اخرى ان دخلت مع النظام السوري في عهد الاسد الاب كما في عهد الاسد الابن وآخرها عام 2008 بوساطة تركية في مفاوضات مباشرة من اجل مقايضة اعادة الجولان الى سوريا بتوقيع اتفاق سلام بينهما، ما يجعل الجولان ارضا محتلة باقرار اسرائيل بذلك. الا ان ذلك لم يمنع الدخول الاسرائيلي المباشر على خط الحرب السورية على هذا النحو العلني بما لا ينفي صلته بالخط الاحمر الايراني حول بقاء الاسد. فهناك اثمان سينبري كثر للحصول عليها في سوريا علما ان الاسد كان ولا يزال على الارجح الانسب بالنسبة الى اسرائيل التي لا يعتقد مسؤولوها ان النظام يمكن ان يستعيدها بالقوة ولا حتى بمفاوضات قريبة، لكن يمكن دوما مقايضة ذلك بثمن مرتفع جدا اذا كان زمن المساومات بدأ او هو على وشك ان يبدأ او اذا كان يستشف وضع وثائق نهائية لحلول سياسية تلحظ مصالح الافرقاء في المنطقة فيما لا تود اسرائيل ان تبقى خارجها. وهي بذلك تضع على الطاولة شروطها بحيث لا تريد الا تحظى بأي ثمن على غرار ما حصل بالنسبة الى الاتفاق النووي بين الدول الخمس الكبرى زائد المانيا وايران.

وفي وقت لا تستقيم فيه المبررات التي قدمها نتنياهو اي احتمال تعريض اسرائيل للخطر عبر الجولان، وهو كان اعلن قبل ايام من اعلانه النية للاحتفاظ بالاراضي السورية المحتلة ان اسرائيل خرقت مرات كثيرة السيادة السورية مستهدفة مواقع اسلحة او طرق اسلحة الى “حزب الله”، فان مراقبين يعتقدون ان ثمة ما ينبغي التوقف عنده وهو اولا توقيت اعلان نتنياهو في شأن الجولان في الوقت الذي لم يحدث هناك ومنذ نهاية العام الماضي وبعد القصف الذي وجهه الطيران الاسرائيلي لفريق عسكري من ايران و” حزب الله” ما يستدعي استنفاره راهنا حول موضوع الجولان، فشتت الانتباه عن سقوط المفاوضات في جنيف لرفض النظام البحث في اي مرحلة انتقالية، والانقسام الكبير بين وفدي النظام والمعارضة الى الجولان الذي سبق ان اجمع الطرفان السوريان على استعادة اراضيها المحتلة والمحافظة على سيادة سوريا. وثانيا ابلاغه الى روسيا المعنية المباشرة والمسؤولة عن قيادة العمل العسكري والحل السياسي في سوريا وان كان نتنياهو تحدث الى وزير الخارجية الاميركي جون كيري في هذا الشأن كما تردد. لكن الامر مثير للانتباه من حيث التوجه الى روسيا ليس فقط بالاقرار بمرجعيتها في الشأن السوري في الوقت الذي كان نتنياهو توجه الى روسيا غداة تدخل القوات الروسية عسكريا لانقاذ الاسد في اواخر ايلول الماضي من اجل تنسيق الطلعات الجوية لكلا البلدين فوق سوريا، بل في ضوء تعاظم الدور الروسي في المنطقة والانسحاب الاميركي الملموس منها.

وتاليا فان السؤال الاساسي يتصل بما اذا كان التصويب من جانب نتنياهو على الجولان هو من اجل الجولان باعتبار ان هذه الاراضي المحتلة غدت مهمة لاسرائيل ام ان التصويب هو لأهداف اخرى. وهل يمكن ان يطاول ذلك ضمان تقييد ” حزب الله”؟