من الأقوال الخالدة في السياسة أنَّ لا دخان من دون نار، لكن التكنولوجيا دخلت أيضاً إلى السياسة، وكانت النتيجة أن ولَّدت دخاناً من دون نار، بهذا المعنى أليست القنابل الدخانية دخاناً من دون نار؟
هذا إسمه في السياسة مناورات يقوم بها طرف لجعل الطرف الآخر يقبل بطرحٍ معين.
في هذا الأسبوع الذي هو الأول من الشهر الثاني على التكليف، طُرِحَت مناورات عديدة في ملف الحكومة، وألقيت قنابل دخانية جعلت الرؤية غير واضحة، ومن المناورات التي طُرِحت والقنابل الدخانية التي أُلقيت:
الإتجاه إلى حكومة من 24 وزيراً، هكذا تُحلُّ العقدة الدرزية، فيدخل الحكومة وزيران درزيان يكونان لزعيم المختارة وليد جنبلاط، ولا يكون هناك وزير درزي ثالث، فتكون مسألة توزير أحد من قبل النائب طلال ارسلان غير مطروحة.
تُحلُّ عقدة القوات اللبنانية فيكون منها ثلاثة وزراء بدلاً من أربعة.
تُحلُّ العقدة السنية فيكون هناك خمسة وزراء من تيار المستقبل ولا يطرح توزير أي سنّي من خارج عباءة تيار المستقبل.
***
لكن هذا الطرح لا أب له، فلا هو صدر من قصر بعبدا، ولا هو صدر من بيت الوسط، طُرِح في التداول على غرار القنابل الدخانية التي تُعمي الرؤية، لكن عند التدقيق تبيَّن أنه للإختبار الذي لا يروي غليل مَن يفضّلون سعة التمثيل.
***
ومن القنابل الدخانية التي طُرِحت أنَّ المهلة أمام الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة غير مفتوحة، ليتبيّن أنَّ هذا الكلام لا أساس دستورياً له، السوابق أصدق برهان على ذلك، فالرئيس تمام سلام استغرق تشكيل حكومته أحد عشر شهراً، ولم يجرِ الحديث وقتها عن مهل، فكيف يجوز الحديث عن مهل اليوم؟
هل الحديث هو لوضع الرئيس المكلف في جو من الضغط؟
***
ومن القنابل الدخانية التي أُلقيت أنَّ هناك أسماء أخرى غير إسم الرئيس الحريري مطروحة للتكليف في حال اعتذر عن التأليف.
***
أكثر من أربع أو خمس قنابل أُلقيت في أسبوع واحد في ذروة إخراج التشكيلة من عنق الزجاجة، لكن بعد انقشاع الدخان وعودة الرؤية الواضحة، يتبين ما يلي:
كل طروحات العدد غير صحيحة، أو على الأقل لم يتبناها أحد، والثابت الوحيد إلى الآن هو الحكومة الثلاثينية، وكل المفاوضات تدور حولها، فتبدأ بالحصص ثم يتم إسقاط الأسماء عليها.
لا صحة مطلقاً لِما يجري الحديث عنه أنَّ هناك مهلاً للرئيس المكلف، فبدعة المهل غير موجودة لا في الدستور ولا في الممارسة.
واستطراداً لا صحة إطلاقاً لتحضير بدائل من الرئيس المكلف ليتم اختبار واحد منها لتشكيل الحكومة!
بالمناسبة، هل نسي طارحو هذه الهرطقة مقولة القوي في طائفته؟
رجاء خففوا من الهرطقات والقنابل الدخانية، البلد يحتاج إلى انقشاع رؤية.