Site icon IMLebanon

بين الدولة والكبرياء

 الخلفية العائلية لعودة الرئيس سعد الحريري الى الرياض، بحسب الاعلان الذي رافق سفره أمس الأول، جزء من الصورة، والمتابعون واثقون من أن هناك مكونات سياسية أساسية أملت مغادرته، تتعلق بشرح الموقف الراهن في لبنان، بالتقاطع مع تحضيرات يجريها رئيس المجلس نبيه بري باتجاه الأشقاء العرب، من أجل احتواء التصدّع الذي أصاب العلاقات اللبنانية – السعودية.

ولا شك بأن الأجواء كانت الجمعة أفضل انقشاعاً بالنسبة الى التحرّك اللبناني باتجاه السعودية، مما انتهى اليه امس الأحد مع الخطاب التصعيدي الحاد للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، بذكرى اسبوع القيادي في الحزب علي أحمد فياض، ضد العربية السعودية خصوصاً، ما أتاح الاستنتاج بأن مساعي بري والحريري لاعادة العلاقات اللبنانية – السعودية الى مرحلة ما قبل التعرّض لسفارة المملكة في طهران، ليست مطلوبة بعد، أو غير مرحّب بها الآن على الأقل.

وبديهي ان ارتدادات هذا الجو، لن تكون في صالح تفعيل الحكومة أو انتخاب الرئيس، أو حتى جمع النفايات، التي يبدو للعيان، انها كما كل الاستحقاقات اللبنانية، مفتاحها في الخارج، رغم انتظار الرئيس سلام اتصالات بالموافقة على خطة النفايات من أصحاب العلاقة المعروفين والمجهولين، قبل هذا الخميس، ورغم تفاهم الرئيس سعد الحريري مع النائب وليد جنبلاط على تحريك مياه الاستحقاق الرئاسي الراكدة، فضلاً عن تفعيل عمل الحكومة وفتح أبواب التشريع الموصدة في مجلس النواب من دون وجه حق…

وفي تقدير مصدر في ١٤ آذار، ان الرئيس سلام سينفذ تهديده بالاستقالة، ما لم يتوفّر له حلّ سريع لأزمة النفايات، لأن أزمة لبنان أطول، وليتحمل المعرقلون المسؤولية.

لكن مصدراً آخر في نفس الفريق، يعتقد ان رئيس الحكومة مدرك ان مشكلة النفايات ليست معه، ولا في الحكومة، انما باتت حالة يتطلب تحريكها اضاءة اقليمية، كونها جزءاً من الشلل العام المطلوب، وفق توصيف غبطة البطريرك بشارة الراعي.

هذا المصدر مقتنع من جهته بأن من عطل انتخابات الرئاسة، ما زال قابضاً على زناد التعطيل، ريثما يطمئن الى ترتيبات المرحلة المقبلة في لبنان وسوريا. وفي رأيه ان لا تجانس بين ١٤ آذار وبين المرشح سليمان فرنجيه، الا ان الغاية من اعتماد ترشيحه، هي ابقاء رأس الدولة في الماء، بانتظار الفرصة السانحة لانتشال جسم الدولة المهدد بالغرق، والحكمة في ذلك ان انقاذ الدولة مع الخسارة في السياسة، افضل من ربح الكبرياء وخسارة الدولة.

وفي تقدير هذا المصدر ان ترشيح فرنجيه اقترن بموافقة عربية ودولية، كونه الوحيد من الموارنة الاربعة الاقوياء الذي يمكن ايصاله الى قصر بعبدا، وهذا ما دفع الحريري الى ترشيحه، لكن لا المرشَحين ولا المرشِحين اسقطوا من حسابهم التسوية التي تفتح الباب لمرشح ثالث، اكثر قابلية للوصول.

ويلاحظ ان الحريري وحلفاءه يعملون لانتخاب رئيس للجمهورية، فيما حزب الله مهتم بالسلة المتكاملة، التي تشترط تأمين السرج والمعلف قبل شراء الحصان…

وعن الرئيس القوي والرئيس الأقوى، يقول احد الحكماء، القوة الكبيرة تتلازم مع مسؤولية كبيرة، والمسؤولية الكبيرة، تتطلب الحكمة…

وتلك ما يحتاجها لبنان. –