Site icon IMLebanon

بين الدولة والمواطن…بحر من النفايات!

 

فيما لا يزال المد والجزر يتلاعب بمصير الانتخابات النيابية، كل حسبما تمليه مصالحه الخاصة، وفي الوقت الذي تتقلب فيه التحالفات الانتخابية عجباً بين أعداء الامس وحلفاء الْيَوْمَ، والعكس صحيح، وفِي خضم انصراف رئيس الوزراء لحشد اكبر دعم دولي للبنان سياسيا والأهم اقتصاديا من خلال مؤتمر «سيدر» في باريس لدعم الاقتصاد  ومؤتمر روما ٢ لدعم  الجيش والقوى الأمنية ومؤتمر بروكسيل لدعم الدول المضيفة للنازحين،  يكتشف اللبناني مرة جديدة مدى هشاشة السياسات المتبعة لمعالجة الأزمات الحياتية الملحة، اخرها النفايات ولكنها ليست أولها بعدما فشلت الحكومات على مدى عقود في حل أزمة الما ء والكهرباء، فطفت النفايات على شواطئ كسروان بكل انبعاثاتها وتلوثها لتشوه جمال طبيعة لم يرحمها جشع تجار ولا قوانين دولة  تآكلت بالفساد واقحامها في  بازارات العرض والطلب البالية…

اما اذا كان مصدر النفايات المكبات العشوائية التي انتشرت بسبب غياب الدولة ان كان من ناحية الحلول الفاعلة او القوانين الصارمة، فهذا لا يعفي وزارة البيئة تحديدا من مسؤولياتها تجاه الحد من هذه الظاهرة التي تعلمت استباحة الحق العام ببيئة صحية  والتطاول على القوانين بفعل استنسابية المحاسبة كما جرت العادة مع الكسارات التي حولت لبنان من اخضر الى أجرد وقاحل دون ان يرف لمسؤول جفن  او يشعر بأي حرج تجاه الرأي العام…

كما ان هذا لا يعطي صك البراءة للخطط المطروحة لمكبي برج حمود والكوستابرافا الذي باتت انبعاثاته الكريهة تستقبل الوافدين والمغادرين من والى لبنان من خلال مطار رفيق الحريري الدولي، ناهيك عن المجزرة الصحية المرتكبة يوميا بحق صحة المواطن حيث بلغت نسب الإصابة بالسرطان أرقاما خيالية لا تفسير لها سوى ارتفاع نسب التلوث في الهواء والماء والطعام بشكل غير مسبوق…

ان الحلول المطروحة من حرق نفايات وما الى هنالك لا تراعي الاتفاقيات الدولية الملتزم بها لبنان  للحفاظ على البيئة وتعرضه للمحاسبة نظرا للضرر الذي يلحقه ببيئات البلاد المجاورة، خاصة من خلال الإمعان في تلويث مياه المتوسط، الا انها الأرخص والأكثر ربحا للملتزمين والملزمين! ومن ثم نتوقع ان تهب الدول الصديقة لدعم وطن الأرز بعدما غطت رائحة الفساد على رائحة النفايات وقطعت القارات ، حسبما افادت التحقيقات الاخيرة التي قامت بها مجلة الاوبسرفاتور الفرنسية، والتي كشفت عن الثروات الطائلة التي كونها السياسيون على حساب الدين العام ونهب الدولة الممنهج!

لقد بلغ الاستخفاف بعقل اللبناني حده، ففي حين يجد نفسه غارقا في نفايات الطبقة السياسية، تجدها من جهة اخرى تفتح شهيتها على المقاعد النيابية وكأن البلد بألف خير والأزمات تحت السيطرة، لا بل يتحول كل ملف حياتي ملح لورقة ابتزاز ومزايدة لتحقق مصلحة خاصة… فهل ينجح اللبناني هذه المرة في انتزاع هذه الورقة وتحويلها الى ورقة رابحة لحسابه؟ ام ان المعايير الملتوية ستبقى القوة المرجحة فتطغى التحالفات على البرامج الانتخابية الجدية؟