Site icon IMLebanon

بين الشارع والإستثمار… مَن سيفوز بالرئاسة؟

يُجمِع المراقبون على أنّ هموم الناس المعيشية كفيلة بأن تحشُد مئات الآلاف من المتظاهرين في وجه طبقة سياسية فشِلت في تأمين أبسط حقوق المواطن المعيشية والحياتية من الكهرباء الى الطبابة وصولاً لمعالجة النفايات التي كادت تقتحم بيوت اللبنانيين لترتكب بحقهم مجزرة جماعية.

إلّا أنّ الطبقة السياسية ومعها رجالات الأمن يختلفون الى الآن في قراءة صناعة المشهد الشعبي ومَن يتحكّم بمساره، وما إذا كانت أيادٍ خفيّة ترسم خريطة التحرّكات وأجندتها التي لم تتَّضح معالمها بالكامل.

إختلافٌ يقابله الإتفاق على أنّ استثماراً لمشهد الساحات لا بدّ من فرزه في رسم معالم المشهد السياسي بدءاً من كرسي بعبدا وشخص الرئيس العتيد وصولاً الى خريطة تركيبة المجلس النيابي المقبل وقانونه الإنتخابي الذي بات «النظام النسبي» أقرب إليه من أيّ وقتٍ مضى.

الاستثمار الذي رافق المشهد الشعبي منذ لحظاته الاولى، دشَّنه النائب وليد جنبلاط بدعوة مناصريه الى الساحات عشية «فضّ عروض النفايات» ليعود وينسحب منه مع فضّ العروض الذي خرَج بالفوز بحصّة معالجة النفايات في نطاق دائرته الإنتخابية الموسَعة «بعبدا وعاليه والشوف» لصديقه وشريكه في «البكوية».

لم يتوقف حدود الإستثمار عند «بيك المختارة» الذي أطلق نيرانه منذ اللحظات الأولى على وزير الداخلية نهاد المشنوق الساعي الى «مطمر» في عكار خارجَ أسوار إقطاع بيك المختارة. فالرئيس تمام سلام وجَد ضالّته في تظاهرة الساحات ليصرفها في صندوق الدعوة الى عقد جَلْسة حكومية بمَن حضر، متجاوزاً أسلاك «التيار الوطني الحر» و»حزب الله» بذريعة الشارع الذي يكاد ينفجر.

هنا ارتفعت حدّة المواجهات في الشارع ومعها المطالب لتصل الى حدود إقالة الحكومة مجتمِعة وليس وزير داخليتها وحسب، وبذلك تقاطعت اللحظة المطلَبية مع توقيت ثنائي «الأقليّة» داخل الحكومة بذراعَيْها «التيار الوطني الحر» و»حزب الله» اللذين تمكّنا من سحب المراسيم السبعين لتفتح كوّة في جدار الحوار مع جنرال الرابية. فحطّ مبعوث جنبلاط فيها، وعادت الحرارة الى خطوط الوسطاء بين الحريري وعون.

وفي جردةِ حسابٍ بسيطة، بدا أنّ كلّ أطراف السلطة نجحوا حتى الساعة في إستثمار مشهد الإعتصامات والتظاهرات الذي من المفترض أنّه موجَّهٌ ضدّهم وليس من أجلهم. وهنا تجلّى مكرُ ودهاءُ الساسة في صرف صراخ الناس في صندوق حساباتهم السياسية الضيّقة.

وفي زحمة التظاهرات وحَرْق بعض الوجوه والأسماء، وتلميع صور أخرى، ونفض الغبار عن شخصيات عبر وسائل الإعلام، بات واضحاً أنّ مرشحين إلى الرئاسة يقفون أمام المرآة في محاولة لمطابقة ثوب أحلام المتظاهرين على مقاسهم، قبيل البوح بما يكتنزون من طموحات رئاسية.

شخصيات مقتنعة في قرارة نفسها بأنّ خَلْف الكواليس طباخين دوليين وإقليميّين وربما محليّين يُجيدون وضعَ ملح الناس في وعاء طبخة الرئيس العتيد الذي يرغبون في ملء شغور كرسيه في بعبدا.

فهل يريد الطباخون رئيساً مَدَنياً من خارج نادي الطبقة السياسية الملوَّثة بالفساد؟ أم أنّ لقائد الجيش الذي نجَح حتى الساعة في عدم الغرق في فخّ الساسة بمواجهة المتظاهرين حظوظاً أعلى؟ وماذا عن لائحة المطالب المعيشية التي من المُفترض أنها بحاجة لحاكم من رياض المصرف المركزي قادر على التنفيذ؟

ومَن قال إنّ رباعي الزعماء المسيحيين وعلى رأسهم الجنرال ميشال عون يقبل بهذه السهولة الخروج من حلبة التنافس على منصب الرئيس؟

أسئلة تصعب الإجابة عنها تزامناً مع تظاهرة الغد (الثلثاء). فغداً ليس إلّا شرارة في «فتيل» طويل ينتهي بصاعق لم يحن بعد موعدُ تفجيره لإنتخاب الرئيس العتيد وتقاسم الحصص من جديد. إلّا أنّ الأكيد أنّ في الشارع ثواراً حقيقيين سيجيد طباخو السياسة من سفراء وحكام الإستثمار في حضورهم لتحديد اسم الفائز بمناقصة الرئيس.