بين أحد الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب في القاهرة، وأربعاء عيد الاستقلال في بيروت، أكثر من صلة وصل ورابط، من حيث انعكاس اجتماع الأمس في القاهرة، على احتفالات بعد الغد في بيروت، وما بعدها من اعادة نظر بالتسوية السياسية التي أنتجت رئاستي الجمهورية والحكومة ومجمل الانجازات المحققة في سنة العهد الأولى.
هذه الاستحقاقات الداهمة، مطروحة على بساط الحكومة الحريرية، التي يستعد رئيسها لتذكية استقالته التلفزيونية بأخرى خطّية، بعد العودة المنتظرة الى بيروت اعتبارا من مساء غد الثلاثاء، ليكون حاضرا في صباح أربعاء العرض الاستقلالي الى جانب الرئيسين ميشال عون ونبيه بري.
من هنا الرهان على مقررات مؤتمر وزراء الخارجية العرب، والاهتمام بما سيقرره الوزراء، بغياب وزير خارجية لبنان الذي جال على ست عواصم أوروبية في غضون أربعة أيام، وتجنّب الذهاب الى القاهرة، حتى لا يسمع كلاما كالذي تحدث به أحد الوزراء عن مسؤولية لبنان عن أعمال حزب هو جزء من مجلسي وزرائه والنواب…
بعض الأوساط في بيروت، كانت تخشى ان يقال في خطابات الافتتاح ما هو أكثر، خصوصا من جانب الجهة صاحبة الدعوة للاجتماع الوزاري الطارئ، أي المملكة العربية السعودية، ما اعتبر مراعاة من المملكة لظروف لبنان واعتباراته الضاغطة، ودلالة على ان باب التسويات لم يغلق تماما، بحيث، يركّز البيان الختامي للاجتماع، على الخطر الواسع الذي بدأت تشكّله الصواريخ الايرانية البالستية على دول الجوار العربي، وبما يتجاوز الأخطار المترتبة على الجماعات المرتبطة أو التابعة، التي تجنّب معظم خطباء الافتتاح تسميتها أو مجرد الاتيان على ذكرها، علي اعتبار ان أساس المشكلة، في رأس النبع، نبع الأفكار والمال والقدرات التسليحية وليس عند الأطراف.
ومن هنا غياب الاشارة الى حزب الله في عملية اطلاق الصاروخ البالستي، على الرياض في كلمة وزير الخارجية السعودية عادل الجبير، ان هذا الامساك بنواصي الكلام انما هو ثمرة اتصالات عربية – عربية وسعودية – لبنانية، وفرنسية – عربية، ركّزت على ضرورة الحفاظ على الاستقرار اللبناني بأي ثمن. لأن أي تعريض لاستقرار لبنان من جانب القوى المتأثرة بالخطاب الايراني، أو من جانب اسرائيل، التي تلقى رئيس وزرائها دعوة ماكرونية للتلاقي في باريس، سبقتها تلميحات فرنسية، بما معناه ان استقرار لبنان خط أوروبي وأميركي أحمر، والمسألة أكثر جدّية من مجرد تعاطف فرنسي مع لبنان، المسألة أيضا مسألة مصالح واستقرار، فالغرب عموما، واثق من ان اهتزاز الاستقرار اللبناني الراهن، سوف يحوّل عشرات آلاف النازحين السوريين في لبنان الى لاجئين على البرّ الأوروبي الواسع.
ومن هنا، كان طرح صيغة تقول بادانة الزعزعة الايرانية لاستقرار الدول العربية، من دون التطرّق الى الأطراف اللبنانية المرتبطة بايران، تجنبا لانعكاسات هذه التسمية أو ذلك الاتهام على الأرضية السياسية وربما الأمنية في لبنان.
وثمة محظور آخر يتعلق بالحكومة، فالتسوية الأولى التي لفظت أنفاسها، مع اعلان الحريري استقالته، سوف تتخلّى عن بعض نوافرها، كي تصبح مقبولة. ما يعني ان استقالة الحكومة باتت من تحصيل الحاصل، ويتعين قبل كل شيء التوافق على ما بعدها، وما بعدها قد تكون حكومة تكنوقراط، لضمان أبعادها عن الأحزاب السياسية المسلحة، انما لن تكون حكومة كهذه برئاسة سعد الحريري أبدا.
المطلوب حكومة تفكّ الاشتباك الحاصل مع الحاضن العربي التاريخي للبنان مع المحافظة على لحمة العلاقات مع القوى والأحزاب المستعدة لتقدير صعوبة الواقع الذاتي للبنان بالكفّ عن توريطه بما ليس له فيه، وبوجه الدول الحاضنة له ولشعبه منذ نشأته كدولة.
فهل هذا مجرد حلم؟