Site icon IMLebanon

ما بين شرم الجامعة وشرم الشيخ… تتغاوى نفائس الربيع العربي

تنطلق القوافل نحو شرم الشيخ محمّلة بنفائس الربيع العربي. يصطحب الملك سلمان بن عبد العزيز معه ملف اليمن الطافح بالمخاطر والتحدّيات. يوافيه الرئيس العراقي فؤاد معصوم ومعه ملف «داعش» و«جبهة النصرة»، وأولويات الجنرال قاسم سليماني، ومصير إقليم كردستان، ومصير العراق.

ويلاقيهما الباجي قائد السبسي متأبّطاً ملف مجزرة باردو، والإرهاب الوافد عبر الحدود الليبيّة – التونسيّة. ويستقبلهم عبد الفتاح السيسي في حضرة «أبو الهول»، نظراً لما تعانيه مصر من أهوال إقتصاديّة، وأمنيّة، ومصيريّة. لم تعد معركته مع «الإخوان المسلمين» في الداخل، بل مع الإرهاب «الطافش» من ليبيا، والتطرّف الذي يتكاثر في بيئات الفقر والعوز والفاقة.

يشارك الأربعة في القمّة للمرّة الأولى منذ أن فازوا بألقابهم السامية، لكنّهم على دراية وإلمام بالمكان والزمان والطاقات والقدرات. يعرفون انّ القرارات إنما هي فعل إرادات، وهذه غير متوافرة، لأنّ البعض له مقاصده النقيضة تماماً لمقاصد البعض الآخر. الكلّ ضدّ الإرهاب، وضدّ «داعش»، و«جبهة النصرة»، لكن هذا بالكلام والإعلام فقط، فيما الأداء العملاني مختلف تماماً، البعض يدعم، يموّل، يسلّح.

البعض الآخر يستثمر في لعبة الموت والإنتحار الجماعي، او يجتهد في تنفيذ الإملاءات الصادرة عن الخارج الذي يحتمي به، ويستمدّ منه الإستقرار والإستمرار في هرميّة النظام والسلطة؟!.

ماذا بقي من القمة سوى الصورة الرسميّة الجامعة؟ حتى هذه لا تجمع، لأنّ الغياب سيكون طاغياً، أين الرئيس اللبناني؟ مَن يمثّل سوريا؟ أين رئيس دولة الإمارات الذي ينوب عنه نائبه في مناسبات عدّة؟

ماذا عن السلطان قابوس إبن سعيد الذي عفى نفسه من المشاركة شخصيّاً بالقمم العربيّة والخليجيّة منذ سنوات، بعدما إختبر معدنها، وإكتُشف جوهرها؟ مَن يمثّل ليبيا الفراغ أم الفوضى؟ وهل يتحامل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة على مرضه، ويشارك؟ وإذا خرج الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من ملجئه، وحضر، مَن يضمن له العودة الآمنة الى عدن؟!.

يدخل الرئيس الفلسطيني محمود عباس القاعة ليسأل عن مصير المبادرة العربيّة للسلام التي أقرّتها قمة بيروت في العام 2002؟ وما هي أحوالها؟ وأين أصبحت؟ وما هو مصيرها؟ وهل تمكّن الإجماع العربي من تسويقها، وحجز مقعد لها في الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي، وحول طاولة الرباعيّة الدوليّة بقيادة طوني بلير، كأولوية ملحّة في الشرق الأوسط؟!.

يحاور نظراءه، يلتفت يمنة ويسرة، يتفرّس بوجوههم، وعقدة حواجبهم، لم تفعل كلّ القرارات العربيّة شيئاً لمعالجة اللاءات الثلاث، لقد شطبها بنيامين نتنياهو بلحظة صدقٍ مع نفسه، وناخبيه، وعدهم «إذا فزت في الإنتخابات، لا دولة فلسطينيّة»، ما هو موقف أصحاب الجلالة والفخامة والسموّ؟!. وكيف سيردّون؟ وهل لا تزال القضيّة الفلسطينيّة أولويّة في ترتيب أجنداتهم، أم تقدّمت عليها أولويات أخرى أكثر من أن تُعدّ وتحصى؟!.

إنطلقت القوافل نحو شرم الشيخ وقد غابت عن ظهورها صناديق الدولارات. كان وهج الدولار يضيء سماء القمم العربيّة، خصوصاً في ذروة الإكفهرار. دول فقيرة تستعطي، وأخرى غنيّة تعطي، تدفع، تبرطل، تساوم، تبيع وتشتري مواقف، وكان للدولار وقعه، ودوره، وفاعليته.

لم يعد للصناديق العربيّة كرمها، تصحّر الدولار عند فوهات النفط، هبطت أسعار البرميل، تدّنت نسب المردودات، وتراجعت الأرقام ومعها أحجام الثروات، وجاء الغرب ليدير قواعد اللعبة، يشرف على المردود، ويوزّع الفائض، هذا «لداعش»، وذاك «لجبهة النصرة»، وسلّة ماليّة برسم «الأخوان»، وأخرى برسم تنظيمات رديفة.

أما في الحسابات الرسميّة المكشوفة الجارية، فحدِّث ولا حرج، فاتورة لتغطية نفقات الطلعات الجوية التي يشنّها طيران دول التحالف تحت شعار مكافحة الإرهاب، وأخرى الى مصانع الأسلحة الشغّالة في الولايات المتحدة، والإتحاد الأوروبي، وثالثة لتغطية برامج الإغاثة، والإهتمام بشؤون النازحين خصوصاً في الدول المغلوب على أمرها كلبنان، والأردن؟!.

«لا خيلَ عندك تهديها، ولا مال؟!» فماذا بقي للقمّة العربيّة، سوى الصورة اليتيمة الجامعة، والكولسات، والدردشات، وقرارات الحبر على الورق؟!. ثم مَن قال إنّ الحدث سيكون نهاية هذا الأسبوع في شرم الشيخ؟ ومَن يجزم بألاّ يكون في لوزان، أو جنيف، أو أيّ مكان يختاره وزير الخارجيّة الإيراني محمد جواد ظريف ليستأنف مفاوضاته مع المجموعة 5+1 حول البرنامج النووي؟. ومَن يجزم بألاّ يأتي مَن يخترق أسوار القمّة، ليبلغ أصحاب الجلالة والفخامة والسموّ بأنّ الإتفاق قد أُنجِز… تصبحون على خير؟!.