Site icon IMLebanon

بين الناخب والمرشح.. صرخة مدوّية!

 

على الرغم من هجانة قانون الانتخابات الجديد وتكبيله للحق الديمقراطي للمرشحين المنفردين أو الذين يغرّدون خارج سرب الزعامات التقليدية، أو حتى من سوّلت لهم أنفسهم التطلع إلى مستقبل أفضل  يحمل أوهاما أقل، أعمالا أكثر ومحاربة جادة للفساد الذي لم يعد يتوقف عند حد، إلا أن ذلك لم يثن الكثيرين عن خوض السباق الانتخابي مع كل ما يحمل من صعوبة في تحدٍ  للماكينات الكبرى وخيبات واردة وآمال معلقة… إن الإقبال على الترشح الذي تشهده بورصة الانتخابات  من مختلف مكونات المجتمع وألوانه إنما هو رسالة واضحة يوجهها المجتمع إلى زعاماته، وهي تمرّد صريح على استباحة حقوق المواطن تحت فرضية أنه لا خيار له غير مرجعيته ولا قدرة له على التغيير!

من جهة أخرى، تعكس الضبابية التي تخيّم على مصير التحالفات بين القوى الكبرى غياب الرؤية المشتركة للحلول الملحة للأزمات المعيشية الراهنة،  واستبدال البرامج الانتخابية الجادة برزمة وعود تحدّد التحالفات الآنية والمصالح، المستجدّ منها والثابت، القدرة الحقيقية على الالتزام بها.

إن الصرخة التي يُطلقها المجتمع في وجه قياداته رافضاً الاستمرار في هذا النهج من تجاهل المشاكل ودفن الرؤوس في التراب على أساس أن الواقع بألف خير، لا بد أن تسمع وتصل إلى آذان المعنيين، حيث لم يعد مقبولاً في عصرنا هذا الاكتفاء بتقارير المستشارين المعلبة وتلحين المنظومات التي يحلو للزعيم الاستماع إليها بغض النظر عن واقعيتها… إنها أساليب بالية أسقطت امبراطوريات في التاريخ القديم، فكيف اليوم مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي من جهة والإعلام المسؤول من جهة أخرى في كشف المستور للرأي العام ودفع الجهات المعنية لتحسين مستوى الأداء السياسي والاجتماعي، أسوة بسائر الدول المتحضرة والتي لا يقل لبنان عنها بشيء!

وإذا كان من أولوية في البرامج الانتخابية فهي مطلب واحد عند جميع الناخبين من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب وهي مكافحة الفساد، والتي وحدها كفيلة بوضع عجلة التنمية على السكة الصحيحة وتحرير الملفات الحياتية الأساسية من ماء وكهرباء وحل جذري وصحي لأزمة النفايات… من براثن الصفقات والمحسوبيات ونقلها من بورصة البيع والشراء إلى لائحة الحلول الجدية والقابلة للحياة!

في حين وقف الزمن عند بعض الأفرقاء الذين لا يزالون في مرحلة شدّ العصب الطائفي كلغة انتخابية ومحرك أساسي للفكر الجماهيري المعطل، يقابلهم في المقلب الآخر شريحة كبيرة  باتت لقمة عيشها هي  دينها ومذهبها، تؤمن أن تحرير الوطن من الفساد والمفسدين هو الطريق الوحيد لتحصيل الحقوق المهدورة من دون لف أو دوران، وبعيداً عن الأوهام و الرؤى اللاواقعية!

إنها فرصة حقيقية لكسر قيود التقليدية، فهل تجاري القيادات والزعامات مزاج الشارع وتحاكي آمال الناخب، إم أنها عالقة في قلاعها الفكرية الفولاذية، ويبقى الأمل الوحيد في إحداث خرق من هنا أو تغيير من هناك، حتى لا يفقد اللبناني آخر نفس حرية على مذبح قانون هجين قوّض الديمقراطية ودنّس قدسيتها… وهل ينجح المواطن في إيصال صوته عبر وجوه جديدة بعدما صمّت القيادات آذانها في السابق، وأصرّت على الاحتكار، وتجاهل معاناة شريحة، خطيئتها الكبرى أنها سلّمت نفسها لجلادها كما يُسلّم الخروف نفسه للذبح!