Site icon IMLebanon

بين الشغل وطريقة الشغل

 

عندما يحدد مسؤولان موعدا للقاء، يعني ان المشكلة المطروحة محلولة، أو هي في طريق الحلّ.

ولقاء الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري عصر أمس، ما كان ممكنا لو بقيت موجة التشنج التي هبّت على الشواطئ الحكومية، منذ يوم الجمعة الماضي، على ارتفاعها الجارف، لكن اتصالا من هنا ومراجعة من هناك، ساهما في تنظيم انسحاب الأطراف من مواقفها التشعيلية، التي أطلقت، من قبيل التهويل أو جسّ النبض، كالحديث عن سحب التكليف من الرئيس المكلف، رغم استحالة مثل هذا الأمر دستوريا، كونه، أي التكليف، جاء نتيجة مشاورات نيابية ملزمة، والكلام عن امكانية سحبه وتكليف آخر، مجرد هرطقة دستورية، كما وصفها النائب وائل أبو فاعور، في دار الفتوى أمس.

ومؤكد ان من طرح مثل هذه الفكرة التهويلية يدرك ذلك، بدليل المبادرة الى سحبها من التداول، بشكل مدروس ومنظم…

ويبدو، ان ثمة من لوّح للرئيس الحريري، بأن المكابرة ازاء التطلعات الرئاسية، من حيث الحصة الوزارية أو شبك الخناصر مع القوات اللبنانية، يمكن ان تهدّد التفاهم السياسي بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، عام ٢٠١٦ والقائم على معادلة الشراكة في الولاية، عون رئيسا للجمهورية والحريري رئيسا لمجلس الوزراء، الأمر الذي جعل الكل يدرك بأن سياسة حافة الهاوية يمكن ان تقودهم الى الهاوية، وكانت رسالة الدكتور جعجع التي حملها الوزير رياشي الى الرئيس عون، وما تضمنت من مبادرة تبريدية، مفتاح عودة الايمان بتفاهم معراب، فكان تفسير جديد لحديث الوزير جبران باسيل عن سقوط تفاهم معراب، حيث تحوّل من اسقاط للتفاهم الى اسقاط للاتفاق السياسي المتفرّع عنه.

 

بالمقابل، كان تأكيد حرص القوات على العهد، وعلى تفاهم معراب، مع نفي أي توجه سابق أو لاحق، لمعارضة رئيس الجمهورية، مع حصر التباين مع وزراء التيار وحسب، حول ملفات عارضها بعض حلفاء التيار أيضا.

انما الهدنة السياسية والاعلامية التي أعلنها الدكتور جعجع ولو من طرف واحد، والتي أطلقها من بيت الوسط باتجاه بعبدا، حيث لاحت بوادر نتائجها في لقاء بعبدا بين الرئيسين عون والحريري، فاعترف الرئيس المكلف بأن ثمة أمورا لم نستطع حلّها، لكننا اتفقنا على طريقة الشغل…

ويبقى السؤال، الحكومة كيف ومتى؟ بالنسبة الى الحجم، بين الثلاثين وزيرا والأربعة وعشرين، تبقى الثلاثون أقدر على الاسترضاءات وتلبية الحاجات، بغض النظر عن الجدوى والضرورة.

أما متى، فمختلف الأوساط المتابعة بدت أكثر تفاؤلا أمس، مما كانت عليه قبله، لكن بقي من يتمسك بقناعاته الرابطة للوضع اللبناني بمقطورة الحلول الاقليمية…

ومثالا على ذلك ان ظروف العراق مشابهة تماما لظروف لبنان، وهل يجوز ان تولد حكومة في بيروت، بينما ما زالت تعاني صعوبة المخاض في بغداد.

والمقياس عينه ينطبق على دمشق والحديدة، فالأسماء تختلف والظروف تتشابه لكن المايسترو، واحد، أو اثنان على الأكثر.

وربّ قائل إن الوضع في سوريا مختلف، ومثلها اليمن، وهذا صحيح، لكن تشكيل الحكومات ليس أكثر ضرورة بالنسبة الى حامل عصا المايسترو، مع اخراج الحديدة من معادلة الحرب في اليمن، أو من تثبيت الخطوط الحمر لايران، في جنوب سوريا، حيث ما زال الوضع ضمن اطار التفاوض بالنار.

سئل حكيم: لمَ السماء صافية؟ فأجاب: لأن البشر لا يعيشون فيها…