IMLebanon

إياكم وطويلة العمر !

أثبت الرئيس تمام سلام بعد المخاض الطويل لتأليف حكومته الذي حطم احد الأرقام القياسية التي باتت الطبعة الملاصقة لممارسات تجويف النظام اللبناني بأنه صاحب مراس مشهود في الصبر واحتواء الصدمات. وها هو الآن بعد مقدمات التجربة الطالعة ما بعد التمديد لمجلس النواب على مشارف اختبار سيكون أقسى وأشد وطأة في تمديد مفتوح بلا افق لعمر هذه الحكومة وايضا في “القتال” ما امكن لمنع تفككها وتحللها. ليس من العبقرية التحسب لرقم قياسي غير مسبوق قد تكون هذه الحكومة مرشحة لتحطيمه “بأعمارها” الممدّدة ما دام ذلك “المغيب” الذي تنتظره عبثا كرسي بعبدا سيطوي حقبة اثر اخرى من الانتظارات. ولا يحتاج اللبنانيون الى ضرب المندل لكي يعرفوا انهم امام واقع إدارة سياسية منهكة لأشد ازمة مصيرية يجتازها لبنان صارت معها هذه الحكومة مجلساً رئاسياً يتمتع فيه كل من وزرائها الـ٢٤ بصلاحية الفيتو، بالاضافة الى واقع يكاد يكون ضربة حظ خارقة للوزراء وهو التعلق القسري باستمرار الحكومة، أياً تكن الاعتبارات والظروف والدوافع، نظرا الى تكوينها الجامع تقريباً لمختلف القوى السياسية. بذلك تغدو تلك النزعة المتصاعدة لدى قوى سياسية الى استغلال هذه المميزات الاستثنائية للحكومة بمثابة فتيل خطر يتمدد تحت طاولة مجلس الوزراء، لا من منطلق الاستئثار بالسلطة والتفجر التصاعدي لمسألة الفساد فقط وإنما كذلك من منطلق رسم شبهة كبيرة حول ما يدبر للواقع الحكومي.

نظريا ليس لدى اي طرف الآن ما يشي بمصلحة في تفجير الستاتيكو الحكومي. ولكن غالبا ما يخشى من تغليب النيات الحسنة على وقائع تعزى فقط الى شهيات مفتوحة. فمتى كانت الشهيات الشرهة في السلطة عندنا اقل توثبا وتحفزا لقضم الكعكة ؟ ولعله من الغباء الظن ان فلتانا في نظام تستباح معه ازمة رئاسية لا يشكل الفساد واجهة اضافية من واجهاته لتفريغ النظام وصولا الى تحلله وإسقاطه.

اترانا لم نقرأ ما قال احد المسؤولين الجدد في العراق من ان الفساد والإرهاب يتساويان في الخطورة والتأثير اللذين أنجبا داعش؟ وحتى لو كنا لا نسقط حالة على اخرى في تلاوين الجحيم الذي يضرب المنطقة فان احدا لا يمكنه اليوم ان يرد مخاوفنا كلبنانيين من انهيار داخلي يسابق الاخطار الخارجية، بما يعني ان تكرارا لجلسة مجلس الوزراء الاخيرة بوتيرة موصولة لن يبقى في اطار تناتش كلاسيكي على ما نعرف ولا نعرف من مخفيات المغانم، بل سيمسي بداية استهداف للحكومة بكل ما يعنيه من خطورة زائدة. تعطيل في مقابل تعطيل، تلك ستكون قاعدة الاشتباك الطارئة داخل الحكومة، على ما قيل. فهل ثمة من يستعجل امراً أينع قطافه والكل عنه غافلون بأقاصيص الفساد؟