بعد أن اجتاحت موجة البرغش والذباب الساحل اللبناني بالتزامن مع العاصفة الرملية التي ضربت لبنان في اليومين الماضيين، عمد بعض اللبنانيين الى ارتداء الكمّامات كخطوة وقائية من الروائح المقيتة والحشرات، إلّا أنّ العديد منهم لم يسلم من لدغ البرغش وهجمات الذباب العشوائية على الخضار والفاكهة والمأكولات المنزلية.
بات اللبناني يتقاسم نفاياته ومأكولاته على حدّ سواء مع البرغش والذباب والقوارض وجميع أشكال الحشرات التي تنقل الأمراض الجلدية والباطنية. وإذا كانت النفايات بعيدة عن بعض المنازل، فأصبح هناك دواع ملحّة للوقاية لأنّ الحشرات أصبحت قريبة من كلّ ما نأكله ونشربه ومن الأماكن التي نعيش فيها.
مشكلة بيئية
إزاء هذه المشهدية المرعبة التي تخوّف منها اللبنانيون، تناولت «الجمهورية» هذا الموضوع لمعرفة خلفيته وأخطاره على صحّة المواطن. وفي هذا السياق، أكدّت الأخصائية البيئية الدكتورة فيفي كلّاب أنّه «لا علاقة للنفايات بموجة البرغش التي شهدناها، فقد اجتاح البرغش لبنان مسبقاً، وذلك نتيجة التغيّر المناخي الذي يشهده العالم، وعلى ما يبدو أنّ البرغش وصل الى لبنان نتيجة الحرارة والرطوبة العالية التي شهدها البلد منذ يومين».
مشيرة إلى أنّ «النفايات تزيد من تكاثر الحشرات والبرغش والقوارض، وخصوصاً عندما يتّم إزالتها، فتبقى رواسبه على الأرض وتشكّل بيئة حاضنة للحشرات والقوارض».
وأشارت كلّاب إلى أنّه «في ظلّ أزمة النفايات المتفشّية، تصبح لدغة البرغشة أخطر ممّا كانت عليها سابقاً، كما أنها تنقل معها الكثير من الأمراض والجراثيم الموجودة في النفايات المكدّسة، بالإضافة إلى المشاكل الجلدية التي يمكن أن تنتج عنها».
مضيفة أنه «لا داعي للهلع، فهذه الموجة عابرة»، داعيةً إلى «الانتباه من الرشّ العشوائي المضرّ، واعتماد الكمّامات لمنع دخول البرغش الصغير إلى الفم والأنف».
مشكلة صحيّة
ومن جهتها، أشارت الأخصائية في الأمراض الباطنية الدكتورة بسكال أبو سليمان إلى أنّ «هناك أسباب عدّة لهذه المشكلة كنّا قد حذّرنا منها سابقاً، وهي أنّ النفايات المتكدّسة في مجاري الأنهر والمستنقعات تشكّل بيئة حاضنة للقوارض والحشرات، بالإضافة إلى المشاكل الناتجة عن غياب البنى التحتية الخاصة بمياه الصرف الصحّي».
شارحة أنّ «وجود البرغش في هذا الوقت من السنة، ومع ارتفاع الحرارة أمر طبيعي، ولكن ليس بهذه الكثافة، وهذا مؤشّر لوجود عوامل بيئية أخرى مسبّبة، إلّا أنّ لدغ الأخير، يسبّب مشاكل جلدية، خصوصاً عند الأطفال، حيث تظهر بقعة حمراء حول مكان اللدغة، ويتورّم الجلد نتيجة ذلك.
كما أنّ هناك أنواع بعوض، مسؤولة عن نقل الكثير من الأمراض للإنسان أثناء تغذّيها على الدم، وأنّ غالبية الناس لديها حساسية ضدّ لعاب البرغش، فتنشئ على أثر ذلك دمامل مثيرة للحكّ على الجلد تُعرف بدمامل لسعة البرغش، بالإضافة إلى نقلها بواسطة أقدامها الجراثيم من فيروسات وبكتيريا، خصوصاً بوجود النفايات المكدسة».
وحدّدت أبو سليمان أنّ «الأكثر عرضة للدغ هم الرياضيون، طويلو القامة، الراشدون، الرجال أكثر من النساء، والحوامل، لأنّ البرغش يجذبه ثاني اوكسيد الكربون، ورائحة الجسد، وحرارة الجسم المرتفعة».
ونصحت أن «يتحمّل المعنيون مسؤولياتهم في مكافحة الحشرات، لأنّ أزمة النفايات قد تسبّب الكثير من المشاكل الصحيّة والبيئية المختلفة». داعيةً «إلى ضرورة الوقاية لتجنّب المشاكل الصحيّة الناتجة عن البرغش، من خلال عدم البقاء خارجاً وخصوصاً الأولاد، ارتداء الملابس التي تغطّي الجسم، تغطية المأكولات، إستعمال مراهم تحمي من اللدغ، ووَضع العوازل على النوافذ والأبواب».