ما حصل بالنسبة الى رواتب العسكريين يبدو أكثر خطورة من قضية النفايات. صحيح ان النفايات أدت وستؤدي الى أمراض لن تُحمَد عقباها ومضاعفاتها، لكن ما حصل بالنسبة الى رواتب العسكريين من شأنه ان يكشف البلد من جنوبه الى شماله.
نحو مئة الف في مختلف الأسلاك تأخرت رواتبهم، هؤلاء لا يتأخرون في أداء واجباتهم فلماذا تتأخر رواتبهم؟ لا مبرر لذلك تحت أي ظرف من الظروف ووفق أي إعتبار من الاعتبارات.
ان نقمة العسكريين اذا ما توسعت فإنها ستعرِّض البلد الى الاهتزاز، فما نفع التسليح والهبات اذا كانت الرواتب لا تصل الى العسكريين أواخر كل شهر، هؤلاء ليس لديهم راتب ثان ولا مدخول ثان، ليس لديهم قرش ابيض ليوم اسود، فاذا لم يقبضوا رواتبهم آخر كل شهر تكون هناك مشكلة في مئة الف منزل في لبنان، فهل يعي السياسيون ماذا يفعلون؟
***
قد يقول البعض: ان الموضوع منتهٍ فلماذا اثارته مجددا؟ الموضوع ليس منتهيا على الاطلاق، واذا اردتم ان تتأكدوا أكثر، ما عليكم سوى ارتياد بعض مواقع التواصل الإجتماعي لتشاهدوا النقمة من بعض المعنيين، فهل تريدون للصامت الأكبر ان يتكلم؟ وحين يتكلم مَن مِن السياسيين يستطيع ان يتكلم؟
***
انه ناقوس الخطر الذي لا ناقوس قبله ولا خطر قبله، فاحذروا ايها المسؤولون من مضاعفاته وتبعاته؟
اما بالنسبة الى الملفات الأخرى، ولا سيما منها ملف الحوار فإنه سيبقى طبخة بحص مهما حاولوا تجميلها، فغدا تستأنف طاولة الحوار، والأحسن من ذلك كله ان هذا الالهاء يبحث في مواصفات رئيس الجمهورية العتيد وكأن المشكلة هي في المواصفات لا في صفات الجمهورية، فما نفع المواصفات في ظلّ هذا الفراغ؟
***
اما النفايات فحدِّث ولا حرج، وعلى قول المثل: ما تقول فول حتى يصير بالمكيول، ولا تقول مطامر حتى يتفق السياسيون.
الاسبوع الماضي اقترب الاتفاق على المطامر، ولكن كلما اقترب الاتفاق من نهاياته السعيدة كلما ظهرت اعتراضات وكأنه يُراد لهذا الملف ان لا ينجز، فبعد اعتراضات اهالي عكار على موضوع مطمر سرار ووعد تيار المستقبل بمعالجة هذه الاعتراضات، طرأ اعتراض لدى المير طلال ارسلان على اعتماد الكوستابرافا باعتبارها مطمرا موقتا.
بناء عليه، اذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، واذا ما اعترض ايضا ابناء الجنوب، وتحديدا في بلدة الكفور، فإن عمرا جديدا سيُكتب لأزمة النفايات الا اذا كان الحل بالقوة، فهل بات مطلوبا ان يجري استفتاء لتحديد أماكن الطمر؟ اذا كان الامر كذلك فإنه يكون طمراً لآخر الآمال بامكان تحقيق أي انجاز: من معالجة النفايات الى معالجة ملف رئاسة الجمهورية.
وللحديث صلة.