عندما تتحول السياسة الى ما يشبه «الكلمات المتقاطعة» او ما يشبه لعبة «فتش من الكلمة الناقصة» او غيرها من الالعاب «الحزازير»، تبطل عندها ان تكون سياسة، وتتحول الى تنجيم وقراءة في المجهول، او ما يصح عليها القول «لبن… سمك… تمر هندي» ما يعني استحالة تركيب طبخة صالحة للاكل من هذه العناصر، وما يجري في لبنان اليوم، على الصعيد السياسي لا يبعد كثيراً في العمق، عن هذه الصورة او عن هذا القول، نظراً لتضارب المواقف، وتشابكها مع بعضها بعضاً، بحيث ان المواطنين، اضافة الى المحللين والسياسيين، يقفون عاجزين عن فك طلاسم التحالفات المستحيلة والتقارب الممنوع، وردات الفعل غير المنطقية، وفي العديد من القضايا الداخلية كمثل لماذا تحالف سعد الحريري مع سليمان فرنجية؟ ولماذا لا يزال حزب الله يماطل في اخد موقف نهائي من ترشح فرنجية طالما انه مصر على تأييد العماد ميشال عون؟ ولماذا لم يأخذ عون موقفا من حلفائه في 8 آذار، وهو يتابع فرنجيه ينشط بين الضاحية وعين التينة والشويفات وكسروان؟ ولماذا يسكت عن موقف حزبي السوري القومي والبعث، اللذين يعلنان على لسان قياديين فيهما ان سليمان فرنجية اقرب اليهم من عون؟ ولماذا يتهم تيار المستقبل في اكثر من مناسبة حزب الله بانه يستعمل سلاحه في الداخل لارهاب خصومه ما دام غير مقتنع بما يقول؟ ولماذا لا يظهر على حزب الله انه منزعج من التنسيق بين نبيه بري ووليد جنبلاط وسعد الحريري؟ ولماذا صرح سعد الحريري لمحطة «C.N.N» ان هناك قراراً سياسيا دوليا بان «يأخذ حزب الله لبنان كتسوية على الصعيد الاقليمي» ولم يسأل لا في الداخل والخارج عن صحة معلوماته، وهل ان السعودية ودول الخليج على معرفة بهذا المخطط ولم يحركوا ساكناً؟
***
هذه الاسئلة، وغيرها الكثير منها ما يتعلق بالتمييز في الادارة والمؤسسات الحكومية، وتصرفات بعض الوزراء، ومنها ما يتصل بتحركات عدد من السياسيين وانتقالهم من ضفة الى ضفة، دون ان يفهم المواطن لماذا كانوا اولا بضفة، وانتقلوا الى ضفة ثانية على نقيض تام مع الاولى، وهذا الواقع يعكس حالة «بابلية» تتحكم اولاً بهذه الطبقة السياسية الحاكمة، وبغالبية القيادات الحزبية والسياسية وهذه الحالة انتقلت الى المواطن، حيث تظهر «بالبعد الثلاثي» في وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب توفر عناصر الحرية «الفالتة» على غاربها، فيعبر المواطن عن خوفه، وقلقه، وغضبه، وقهره، وعدم استيعابه عما يجري في بلده وفي الدول المجاورة ما يرفع جداراً من سوء الفهم والتفاهم بين المواطنين والمسؤولين والسياسيين.
***
الكلام عن اقلام غربية تكتب مصير شعوب منطقتنا لسنوات عديدة مقبلة، ومنها الشعب اللبناني، يجب ان يخلق حالة من الوعي والادراك لدى الشعب والمسؤولين، للمخاطر المقبلة علينا، كما يفرض على المسؤولين والقيادات النطق بكلام واضح ومفهوم ودقيق وصادق، لردم الهوة مع الناس تحسبا لقيام حزمة وطنية متراصة في وجه اي وصاية جديدة على لبنان والشعب اللبناني، وفي وجه محاولات بيع وطن عمره من عمر الازل لهذه الدولة او تلك، او لهذه الطائفة او تلك.
شئنا ام ابينا، لبنان في عين العاصفة، وهو في اضعف حالاته لانقطاع التواصل بين مكوناته، والتفاهم على موقف انقاذي.
الرهان على الوقت، «روليت» روسية، الرهان على العيش تحت سقف الدولة، هو الحصان الرابح.