مهم جداً ان يتوقف السياسيون واللبنانيون العاديّون، ورؤساء الاحزاب والتيارات، واصحاب الرؤوس الحامية امام وصيّة النائب وليد جنبلاط لابنه تيمور، بعد تسلّمه مهام المحافظة على الارث الجنبلاطي، وعلى الخط السياسي الذي رسمه وليد جنبلاط لكتلة اللقاء الديموقراطي النيابية قبل ان يسلّم الامانة الى تيمور، اذ قال له «حذارِ العنف، لانني دخلت في دوّامته واعرف كلفته» وهذه الوصيّة من انسان، بدأ حياته السياسية في خضمّ بحر من الدماء، سفكت بعد اغتيال والده الشهيد كمال جنبلاط، وعاش عقوداً بعده وهو ينتقل من عنف الى عنف، اعتبرها، بمثابة تحذير لتيمور وجميع القيادات السياسية من هذا الشر المطلق من جهة، واعتذار وجداني ضمني عن جميع ما حصل في هذه الفترة السوداء من تاريخ لبنان، يشبه في مضمونه، اعتذار الدكتور سمير جعجع العلني عن الفترة ذاتها، وهذان الموقفان يسجّلان للرجلين كوقفة شجاعة في زمن العنف الذي يكاد يقضي على لبنان، بدلاً من «حمايته بأي ثمن» كما قال جنبلاط ايضاً، وحماية لبنان اليوم بعد تعطيل العملية الدستورية الديموقراطية بانتخاب رئيس للجمهورية، والموقف المستغرب للشيخ نعيم قاسم نائب امين عام حزب الله، بوضعه معادلة، لا تنسحب على اي معيار من معايير الدول التي تقوم على مبادئ النظام البرلماني الديموقراطي، بربطه منصب رئاسة الجمهورية بمرشح معيّن والاّ لا رئيس جمهورية، ولا مؤسسات ولا حكومة ولا مجلساً نيابياً، ولا دستوراً ولا نظاماً ولا وطناً، وهو بهذا الموقف يؤسس الى ثقافة الفيتوات المتبادلة بين مكوّنات الشعب اللبناني ستطول حتماً جميع المناصب والمراكز والاشخاص، سوف يساعد على تفكك الدولة اكثر فاكثر، في زمن تدقّ ابواب لبنان رجال الجراد التكفيرية،وكل ما هبّ ودبّ من حاسدين وطامعين بهذا الوطن المشرّع على جميع رياح السموم القريبة والبعيدة.
* * *
في هذا الوضع البائس، حيث لا أحد قادر على تغيير هذه المعادلة المدججة بالسلاح، هل يقف المؤمنون بضرورة حماية لبنان باي ثمن، مكتوفي الايدي، اشبه بالاصفار على الشمال، ام انهم يتعاونون ويتكاتفون، مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ومع رئيس الحكومة تمام سلام، لتفعيل عمل المؤسستين بما يخدم مصالح الناس اولاً، والدولة ثانياً، وينتظرون الوقت المناسب والفرصة المناسبة، لاعادة العمل بالدستور والقوانين، واعادة الروح الى النظام الديموقراطي والحرية المسؤولة، بدلاً من المساهمة عن حسن نيّة عند البعض، وسوء نيّة عند البعض الآخر، في مخطط الاجهاز على الدولة، والاطاحة بالنظام الديمقراطي وتفتيت الوطن.
الدولة تتدحرج سريعاً لتصبح دولة فاشلة… حذار… حذار هذه النهاية المفجعة.