Site icon IMLebanon

أبعد من أقباط العريش وجبل الحلال

أن يسبق «ذبح» و»إرهاب» أقباط مدينة العريش لتهجيرهم من مدينتهم وبيوتهم القمّة المرتقبة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس المصري عبدالفتّاح السيسي، فهذا ليس من قبيل المصادفة أبداً… وليس من قبيل المصادفة حديث ترامب عن «عن مخاطر تواجه الأقباط في مصر»، وليس من قبيل المصادفة تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب منتصف شباط الماضي بـ»أنّ واشنطن لن تصر بعد الآن على حل الدولتين، أنظر إلى حلّ الدولتين وحلّ الدولة»، وفي السياق ذبح وقتل وحرق الأقباط في العريش هو في نفس الوقت «ترهيب» لجميع سُكّان سيناء، كأنّ المشهد غداة مذابح العصابات اليهوديّة في فلسطين لإخراجهم من ديارهم.

وليس من قبيل المصادفة أن تأتي كلّ هذه الأحداث بُعيد عودة الحديث عن إقامة دولة للفلسطينيين في شمال سيناء إلى دائرة الضوء، ما يجري هناك أكبر بكثير من تحميل «جبل الحلال*»، قبل يوميْن وصف موقع «دويتشه فيله» الألماني تهجير أسر المسيحيين المصريّين الأقباط من شمال سيناء بأنّه ممنهج»، وهذا وصفٌ شديد الدقّة وأغلب الظنّ أنّ هذا الإرهاب سيستمرّ، وظاهر الأمر اضطهاد للمسيحيّين الأقباط، ولكن، نحيل القارىء هنا على تصريح أيوب قرا، وهو وزير بلا حقيبة في حكومة نتانياهو كشف في تغريدة على حسابه على موقع «تويتر» أنّ «ترامب ونتانياهو سيقرّان خطة لإقامة دولة فلسطينية في غزة وسيناء»، وهذا المشروع قائم منذ الخمسينات ويبدو أنّ أوان تنفيذه قد حان وأنّنا نعيش المرحلة الأخيرة من تصفية القضية الفلسطينية، وسقوط حلّ الدولتيْن مقابل حلّ «الدولة» في غزّة وشمال سيناء!

مصر غارقة بشدّة في أزمتها الاقتصاديّة الكبرى، الشهر الفائت نقلت جريدة الفجر المصريّة نقلاً عن صحيفة «يسرائيل هايوم» العبرية، خطة تقسيم مصر في تقرير تحت عنوان «الشرق الأوسط.. خطة التقسيم» وما ذكرته الصحيفة خطير جداً ويشبه إلى حدٍّ ما واقع واقع المسارعة إلى «توطين» الأسر القبطيّة النازحة من العريش إلى الإسماعيليّة… وبحسب الصحيفة «وفقاً لمعطيات الحاضر، يبدو أنّ تغييرات كبيرة ستحدث في مصر؛ فاليوم وبتشجيع من المؤسسة الحاكمة تجرى عملية تهجير سلبية، ترانسفير فعلي، للأشخاص ذوي الأصول المصرية، من شبه جزيرة سيناء إلى داخل البلاد، وهناك لا يحكم إلا ولاية سيناء وأنصار بيت المقدس  وأنّ القاهرة تنازلت عن سيناء التي سيستخدمها الفلسطينيون، أما الأقباط فسيمرّون بعملية ترانسفير لمنطقة مطروح، غرب مصر؛ حيث يمتلك الكثير من الأقباط هناك أراضي»!!

أبعد وأكبر وأخطر من تهجير أقباط العريش و»جبل الحلال» ونفوذ الإرهاب في «ولاية سيناء»، هل بدأ تنفيذ حلّ «الدولة»؟ هذا المشروع له ملفّ تاريخي منذ «14 تشرين الأول من العام 1953 عندما توصّلت وكالة الغوث مع الحكومة المصرية إلى اتفاق محدد تقدم مصر بموجبه 230 ألف فدان من الأراضي الصحراوية إلى وكالة الغوث لإجراء اختبارات زراعية فيها مع إعطاء وكالة الغوث الحق بانتقاء 50 ألف فدان من بينها من أجل أعمال التطوير الزراعي لتوطين اللاجئين الفلسطينيّين، وهذا لوحده ملفٌّ تاريخي طويل عريض يحتاج لوحده إلى مقالات لاحقة تستعرض عدد المشاريع المتكرّرة لمشروع «حلّ الدّولة» وأغلب الظنّ أن آوانه قد آن!

* «جبل الحلال بشمال سيناء يبعد حوالى 60 كم إلى جنوب العريش. «سُمّي كذلك لأنّ كلمة «الحلال» تعني «الغنم» لدى بدو سيناء، فقد كان أحد أشهر مراعيهم، يرتفع حوالى 1700 متر عن سطح البحر، ويقع ضمن المنطقة «ج»، التي يُمنع فيها وفقاً لبنود اتفاقية كامب ديڤيد تواجد أي قوات للجيش المصري، ويُعتبر وجود الدبابات مُخالفة، بدأت شهرة الجبل في تشرين الاول 2004، بعد تفجيرات طابا والتي استهدفت فندق هيلتون طابا، وتكرّرت الأحداث عام 2005 بعد تفجيرات شرم الشيخ التي استهدفت منتجع سياحي بجنوب شبه جزيرة سيناء؛ وبعد مذبحة الجنود المصريين في رفح في شهر رمضان 2012، والذي راح ضحيته 16 ضابطاً ومجنداً مصرياً».