IMLebanon

أبعد من القانون وانتخابات خائف ومخيف

المأزق يكتمل بمعادلة فرضت نفسها بقوة الأشياء: لا قانون انتخاب من دون توافق، ولا توافق على أي مشروع قانون. والمخارج المطروحة هي إما مآزق اضافية، وإما مثاليات لا علاقة لها بالواقع. فالصراع على قانون الانتخاب يكاد يصبح صراع وجود. لا هو تنافس ديمقراطي متكافئ بمعايير واحدة حتى على أحجام الكتل والزعامات. ولا ما يحرّكه هو البحث عن أفضل الأفكار والتسابق على خدمة لبنان واعادة السياسة من الزواريب والسراديب الفئوية والشخصية الى المسرح الوطني لاستعادة دورها الحقيقي ومعناها النبيل: فن ادارة شؤون الناس.

ذلك ان ما يجب أن يكون فرصة للتغيير الديمقراطي صار مشكلة عبر الحرص على بقاء الستاتيكو لدى البعض وتحسين ظروف الستاتيكو لدى البعض الآخر. ومن الصعب التوصل الى قانون يسعى من خلاله كل طرف لأن يزيد مقاعده ويقلل مقاعد طرف آخر. والأصعب هو التسليم الجماعي بقانون يضمن النتائج سلفا. فالخيار المطروح ليس بين نظام أكثري ونظام نسبي ونظام مختلط بل بين أسوأ نظام أكثري اسمه المحادل وأكبر تحايل على النظام النسبي والنظام المختلط. إذ كل مشروع أكثري حسب الدائرة الفردية أو شخص واحد صوت واحد؟ مرفوض سلفا. وكل مشروع نسبي يضمن تمثيل الأكثريات والأقليات مرفوض سلفا من البعض أو مدروس على الورق لا في الواقع.

والسؤال البسيط المطروح، وسط الدعوات الى انتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي على أساس النسبية ولبنان دائرة واحدة، وانتخاب مجلس شيوخ يمثل الطوائف والمذاهب تطبيقا للطائف، هو: أي مجلس نيابي ينتج عن ذلك في عز التشنج الطائفي والمذهبي في لبنان وأعلى مراحل الصراع المذهبي في المنطقة؟ أليس ذلك مشروع هيمنة الأكثرية العددية ما دامت الطوائف والمذاهب بلوكات تصوّت في اتجاه واحد؟ وما معنى الانتخابات وفق أي قانون حين نصوّت كرعايا لا كمواطنين، وعندما يكون البرلمان مختصرا بسبعة نواب ثابتين في كل الدورات؟

لا أحد يجهل الأجوبة. ولا شيء يضمن الحد الأدنى من الحياة السياسية التي جوهرها تحقيق ما تطلبه الناس من مشاريع، حين تدار الانتخابات بين خائف منها ومخيف بها. والسؤال المقلق هو: ماذا لو كان الجدل على قانون الانتخاب مجرد تقطيع وقت في مرحلة رمادية استعدادا لمرحلة راديكالية مرتبطة بالمشاريع الاقليمية؟ أليس لبنان جزءا من تلك المشاريع، وان جرى السماح له بالابتعاد عن شظايا صراع المحاور، من دون تحييده عن مسار المشاريع ومصير النظام الاقليمي؟

على الرغم من أهمية الانتخابات وقانونها، فان التحديات أمام لبنان أكبر ومحمّلة بالمخاطر.