خـرج مناف طلاس من ســوريــا في ٥ تموز عام ٢٠١٢ بمساعدة من المخـــابــرات الفرنسيــة واستــقر في باريس، ومنذ ذلك الحيـــن لم يقــم بأي تحــرّك ضد النظام السوري، والبعض قال إنــه “حصان طروادة” الذي تعمّد صديقه بشار الأسد إنزاله وراء خطوط المعارضة كخلية نائمة في انتظار الوقت المناسب.
هذا يرسم معالم سؤال ضروري:
لماذا سكت مناف سنتين ونصف سنة عن القتل والمذابح المروعة والكيميائي وعن الدمار وهدم بلدته الرستن وهو سكوت يساوي دهراً، ليستيقظ فجأة ويعطي حديثاً لصحيفة “الوول ستريت جورنال”، يسوق فيه جملة من الإتهامات الى بشار الاسد، ومنها أنه أصر على المذابح ضد المتظاهرين وباع سوريا الى ايران، وهذا ليس خافياً على أحد؟
سكوت مناف، وهو ابن وزير الدفاع مصطفى طلاس أحد أبرز اعمدة النظام والذي غادر دمشق أيضاً، كل هذا الوقت ليس مهماً، المهم لماذا اختار مناف وقد كان أحد أبرز أصدقاء الأسد، ان يخرج الآن فجأة من الظل ويدلي بهذا الحديث بعدما رفض سابقاً التصريح والمقابلات الصحافية؟
قبل اسبوعين سرّب مناف معلومات عن انه يرفض أي حل يروّج له ستيفان دو ميستورا وراء الجدران، لكن حديثه الآن أثار شياطين الأسئلة عند المراقبين، وخصوصاً بعد ربطه بما تردد قبل عشرة أيام من ان دو ميستورا يعمل لجعل الإتفاق على تحييد حلب مدخلاً متدحرجاً، للتوصل الى تنفيذ اتفاق غير مكتوب (لا ورقة) تم التوصل اليه بين موسكو وايران ولا تعارضه واشنطن وهو ينص على ما يأتي:
إبقاء الأسد مدة سنتين بعد جمع فصائل المعارضة والنظام في خندق واحد لمحاربة الارهابيين، على ان يكون علي حبيب نائباً له، وتشكيل حكومة برئاسة رياض حجاب يكون مناف طلاس وزيراً للدفاع فيها، بينما يتولى معاذ الخطيب الذي زار موسكو اكثر من مرة رئاساة هيئة المصالحة الوطنية.
الكلام العالي ضد الاسد وايران لا يعني شيئاً في الحساب السياسي اذا صحت نظرية الحل الذي يسعى دو ميستورا وراءه، بل على العكس هذا كلام مطلوب ليكون طلاس مقبولاً عند المعارضة التي تعتبره ظلاً لبشار الاسد.
بالعودة الى اتهام مناف النظام بأنه هو الذي فجّر مبنى الأمن القومي فقتل آصف شوكت وداود راجحة وهشام بختيار وحسن تركماني، فهذا ليس جديداً، الجديد كشفه ان الاسد حاول اغتياله بست عبوات ناسفة، ولكن هذا يطرح سؤالاً آخر: اذا كان خلافه مع الأسد انفجر في ١١ أيار ٢٠١١، فكيف بقي في دمشق رغم محاولة اغتياله الى ٥ تموز من عام ٢٠١٢ ليغادر سوريا؟
أم انه يسوّق نفسه تمهيداً للصعود الى قطار دو ميستورا؟