IMLebanon

أبعد من أزمة امتحان التسوية

 

ختام العام ٢٠١٧ أزمة مفتوحة عنوانها شيء، وتحت العنوان شيء، وخارج النص شيء. وهي أشياء مترابطة ضمن أساس واحد. العنوان هو بالطبع خلاف على مرسوم دورة ١٩٩٤ الذي وقّعه رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ووزير الدفاع يعقوب الصرّاف واعترض رئيس المجلس النيابي نبيه بري على خلوّه من توقيع وزير المال علي حسن خليل. وتحت العنوان امتحان لمسار التسوية الرئاسية والحكومية خلال عام في مادة الدستور والميثاق والشراكة. وخارج النص صراع على تفسير الطائف الذي صار دستورا بعد التطبيق السلبي والانتقائي لبعض بنوده أيام الوصاية السورية المتفاهمة مع السعودية تحت الغطاء الأميركي، وبعد ٢٧ سنة من المطالبة بالتطبيق الكامل له والتزام ذلك في كل البيانات الوزارية والنصوص الرسمية والحزبية.

والأساس هو ادارة النظام ضمن التنافس وحتى الصراع على مواقع الطوائف تبعا لموازين القوى المتبدلة وتخوّف مسيحي – سنّي – درزي من هيمنة شيعية وهاجس شيعي من عودة الثنائية المارونية – السنية. وكل ذلك وسط متغيرات هائلة في المنطقة عبر صراع جيوسياسي تنخرط فيه قوى اقليمية ودولية تدير حروب سوريا والعراق واليمن.

واذا كان النأي بالنفس هو التعبير السحري الذي قاد الى التسوية ثم أنقذها من أزمة الاستقالة التي أعلنها الحريري في الرياض وعاد عنها في بيروت، فان لبنان ليس خارج الحروب ولا خارج التأثر بنتائجها. ليس خارج الحروب من خلال دور حزب الله في حرب سوريا بشكل أساسي. وليس خارج التأثر بنتائجها عبر أجندات المحاور المتصارعة، وبشكل خاص عبر أجندة المحور المسمّى محور المقاومة والذي هو اسم مستعار للمشروع الايراني – الاقليمي. ولا يبدّل في الأمر، بالمعنى الاستراتيجي، كون الاستقرار في لبنان مطلوبا داخليا ومرغوبا فيه خارجيا لخدمة حروب المنطقة كما كانت سويسرا في الحرب العالمية الثانية. ولا بالطبع إقدام مجلس الأمن بعد المجموعة الدولية لدعم لبنان على اعادة تأكيد المظلة الدولية فوق الوطن الصغير ودعوة الأطراف المحلية والاقليمية الى حماية الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي.

والسؤال البسيط المباشر الذي تطرحه أزمة مرسوم الدورة هو: هل جرى التفاهم ضمنا في الطائف على اعطاء الشيعة حق الفيتو على قرارات السلطة التنفيذية عبر تكريس وزارة المال لشيعي أم ان متغيرات موازين القوى فرضت المطالبة بذلك بعد سنوات من تعاقب أربعة وزراء سنّة ووزيرين مارونيين على تسلّم حقيبة المال؟ ثم هل نحن في تسوية رئاسية وحكومية بين شركاء متساوين رابحين أم في تساكن بين رابحين وخاسرين نسبيا؟

 

 

الجواب يتجاوز امتحان التسوية الى تحديات العام ٢٠١٨.