IMLebanon

أبعد من التوصيف!

ليس قليلاً، ولا غريباً في الوقت نفسه، أن يتفرّغ الناطق باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي يوم أمس «للردّ» على وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون لأنّه استخدم توصيف «الخليج العربي» في مؤتمره الصحافي الأخير أواخر الأسبوع الماضي.

ليس قليلاً ذلك، لأنّ دنيا العرب والمسلمين مهزوزة من أساساتها! وتشهد واحدة من أمرّ وأسوأ اللحظات في كل تاريخها! والكوارث اللاحقة بها تطال كيانات وشعوباً بالجملة! والتحديات المستقبلية لا تقل عن تلك الراهنة! والاحتمالات الأسوأ تبزّ ما عداها! والنار ولعانة وواصلة الى السماء! و«داعش» «وصل» الى طهران نفسها!.. ومع ذلك فإن الناطق الإيراني، وجَدَ وقتاً كافياً لتخصيص وزير الخارجية الأميركي برّد تراه إيران على ما يبدو، ضرورياً و«مصيرياً» وموازياً بالأهمية، للزلازل الحاصلة!

وليس غريباً ذلك «الرد» لأنه عيّنة عن طريقة تفكير أصحاب السلطة في إيران. والقياسات التي يعتمدونها. عدا عن كونه تدليلاً على أن الشقّ القومي يتقدم في العمق على الشق الديني! ولا ينضوي تحته!

ما يراه أهل المنطقة المنكوبة، بلايا وكوارث، تراه إيران «فتوحات» و«إنجازات» وتمدّدات لأشعة «ثورتها» خارج حدودها! وهي في ذلك، كانت واضحة في أمرين حاسمَين: الأول أنها ترى نفسها «فوق» الآخرين! وأحقّ منهم بالريادة! والثاني، أنها تعتمد القياس المذهبي بسفور تام من دون أن تبدي أي حرج إزاء ادعاءاتها «الإسلامية» العامة! ولا إزاء شعارها الأثير والعريض القائل بأنّها البديل الثالث عن إزدواجيّة «الشرق والغرب»! وإنّ تجربتها تستحق العولمة من دون أي نقصان!

قيل سابقاً ويُقال مجدّداً، إن «الثورة» قامت ضدّ الشاه في سياساته الداخلية، لكنها احتفظت (وفي الحقيقة طوّرت) جوانب أساسية من الشق الخارجي في تلك السياسات، وتحديداً إزاء بلورة الدور الإقليمي المهيمن أو المتقدم أو المحوري! ولذلك (مثلاً) تصرّ «الجمهورية الإسلامية» على الاستمرار في احتلال الجزر الإماراتية الثلاث «طنب الكبرى» و«طنب الصغرى» و«أبو موسى».. مع أنّ ذلك من موروثات «نظام الطاغوت»! ثم تصرّ على أنّ الخليج فارسي وليس عربيّاً!

وكثيرون يعرفون الرواية القائلة بأنّ بعض «الأصدقاء» العرب لـ«الثورة الإيرانية» اقترحوا على طهران حلاً وسطاً في شأن الخلاف على التوصيف، يقوم على اعتماد صيغة «الخليج الإسلامي»، لكنّها رفضت وأصرّت ولا تزال، على توصيفه بـ«الفارسي»!

اختارت إيران قوميّتها ومصالحها الخاصة على حساب الآخرين حتى لو كانوا حلفاء أو أصدقاء أو أتباعاً! واختارت مذهبيّتها على حساب النصّ الإسلامي الجامع! وهذا حقّها وهي حرّة فيه، لكن حبّذا لو تكفّ عن إدعاء العكس! وعن استهداف الآخرين، فقط لأنّهم قرّروا الذود عن مصالحهم القوميّة ودينهم وقِيَمِهم!