IMLebanon

ما يتجاوز البروتوكول

 

يصح القول إن مبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المزدوجة بتهنئة رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري هي مجرّد بادرة بروتوكولية لا يجوز تحميلها أكثر مما تتحمل. والذين يؤكدون على هذا التفسير يستندون الى أن النص يكاد يكون واحداً في الرسالتين. وبلغ الأمر في بعضهم الى حدّ القول: ربّـما تولّى الحاسوب (الكومبيوتر) توجيه الرسالتين آلياً، أي وفق البرمجة.

 

ونود أن نعارض هذا الرأي بشدّة… إذ في تقديرنا أن الإدارة الأميركية (لا تزال) تتعامل مع لبنان على أنه ضرورة في المنطقة. هذا الرأي ليس من عندياتنا إنما هو محصلة معلومات جدّية من مراجع أميركية مهمة.

 

صحيح أن لواشنطن تحفظاً (بل تحفظات) عن الكثير مما «لا يعجبها» في لبنان. إلاّ أنها لم تصل الى حد «فقدان الأمل» منه، كما تفيد تلك المعلومات. وفي تقديرنا أنّ الكلمات الواردة (شبه متطابقة) في الرسالتين جرى إنتقاؤها بعناية، وحملت رسائل واضحة ونقطاً مهمة.

 

النقطة الأول: تجاهلت أي إشارة، مباشرة أو مواربة، إلى المقاومة وحزب اللّه والعقوبات. صحيح أن المناسبة لا تتحمل. ولكن مع دونالد ترامب قد يكون كل شيء مختلفاً، بمعنى أنه يكون خاضعاً لمزاج سيّد البيت الأبيض.

 

الثانية: لم يرد فيها أي إشارة الى مسألة النزوح السوري الى لبنان. وهذا يمكن أن يُفهم في منحى سلبي.

 

الثالثة: أشاد ترامب بإجراء الإستحقاق الإنتخابي النيابي من خلال وصفه بأنه «إجراء إنتخابات تشريعية ناجحة».

الرابعة: الإشادة و«تثمين» عالياً والإشادة «بالتقدم الكبير الذي حققته حكومتكم خلال العام المنصرم» والتشديد على «ثبات (لبنان) في مكافحة الإرهاب».

 

الخامسة: الإلتزام الأميركي بالحفاظ على سيادة لبنان واستقلاله السياسي.

 

وعلى أهمية النقط الواردة أعلاه، فإننا نرى أن آية ما في الرسالة (والذي يتجاوز الكلام التقليدي) هو ما ورد في العبارة الآتية: «تتطلع الولايات المتحدة الأميركية الى العمل مع الحكومة اللبنانية الجديدة الملتزمة الحفاظ على سيادة لبنان واستقلاله السياسي». أي أنّ في الرسالة ما يوازي التعهد بمواصلة إيلاء لبنان الإهتمام.

 

علماً أننا على صعيد شخصي نخاف عندما تلتزم واشنطن دعم حليف أو صديق… والتجارب في هذا السياق أكثر من أن تحصى. ولعلّ قول الرئيس كميل شمعون لايزال يرن في الأذن: الولايات المتحدة يصعب التعامل معها فهي عبء ثقيل إذا كانت عدوة وعبء أثقل إذا كانت صديقة»، وكان رحمه اللّه يضيف: «صداقتها نكبة وعداوتها كارثة».

 

إلا أن النظرة العقلانية تقتضي الإقرار بأن ثمة حرصاً أميركياً على لبنان، لا يزال قائماً حتى الآن على الأقل… وعلى أهمية الرسالتين من ترامب الى عون والحريري، فإن الأهم هو ما يتمثل في المساعدات العينية التي تقدمها واشنطن الى الجيش اللبناني والتي بلغت نحو مليار دولار في السنوات الأخيرة.