IMLebanon

أبعد من الصدمة بشريط سجن رومية !

ليس في لبنان سوى المزيد من الشيء نفسه… حيث عدّاد أيام الفراغ الرئاسي مستمر ويقترب من الرقم أربعمائة. وحيث يستمر زحف الشلل وتعطيل مؤسسات الدولة. وحيث يزداد الخواء السياسي توهجاً وتألقاً! وحيث المواقف السياسية مهما بلغت درجة حرارتها وحدّتها، فإنها تجد آذاناً أصمتها البرودة والصقيع لدى الرأي العام، القلق على الحاضر والخائف على المصير! لذلك، وتجنباً للتكرار والابتذال، تحاشينا في هذه الزاوية ما أمكننا ذلك، التعاطي مع الصغائر اللبنانية المتداولة لدى صغار اللبنانيين وكبارهم، مع بعض الاستثناءات! توقفنا فقط عند ظواهر لبنانية تطفو على السطح، ولها علاقة مباشرة بالاعصار الذي يعصف بالمنطقة، ويراد له أن يقلب عاليها وسافلها، ويحيلها الى أرض نيران ورماد!

يندرج في هذا الاطار، الحريق الذي أشعله فيديو التعذيب في سجن رومية، مستهدفاً فئة بعينها، لاحداث صدمة بعينها! هذه الجريمة الوحشية التي ارتكبت بحق سجناء، لا تحتاج الى مدعين عامين من السياسيين لادانتها وشجبها بغرض تبييض الوجوه والسجلات، فهي جريمة مدانة في كل القوانين والشرائع الاخلاقية والانسانية والدينية. وأخطر ما فيها انها قضية حق يراد بها باطل، وهي جزء متمم من الباطل الذي يجري تعميمه في المنطقة. وقد فشلت حتى الآن كل المحاولات التي جرت بأساليب مختلفة لاطلاق صدام مذهبي مدمر في لبنان… وينبغي أن يُنظر الى فيديو التعذيب في رومية، على انه محاولة جديدة في هذا الاتجاه الجهنمي!

تجاوز لبنان حتى الآن قطوعات الحريق الطائفي لأسباب عديدة، في مقدمتها وجود قيادات سياسية شامخة، قدمت نموذجاً في اوقات الشدة، وكأنه من عطايا العناية الالهية. في طليعتها نموذج الرئيس نبيه بري الذي كان رائداً في العمل على وصل ما انقطع بين مكونات هذا الوطن الصغير المنكوب بصغائر سياسييه. وكل المبادرات التي قام بها في أوانها أطفأت حريقاً في بدايته، أو منعت اشعال حريق جديد في كومة القش اللبنانية! ومنها أيضاً نموذج الرئيس تمام سلام الذي يقود السفينة الحكومية بمرونة وحنكة وحكمة، وصبر على الكبائر والصغائر، ولا سيما في ظروف هذا اللغم المستجد المزروع في سجن رومية!

من أكثر ما يسبب صدمة للمتابع، هو استغلال ظلم نزل بالسجناء، وتحويله الى ظلم ينزل بوزير الداخلية نهاد المشنوق! وهو رجل الدولة المسؤول الذي أقدم بشجاعة حين جبُن الآخرون، وترفع في زمن الاسفاف، والتزم الصمت في مواسم الثرثرة، وفكر بعقله في الازمات حين فكر الآخرون بأقدامهم! والوزير نهاد المشنوق اثبت القدرة والحكمة على مواجهة مآزق سجن رومية وأفخاخه وألغامه، ومن الواجب اكمال المهمة بدعم وطني اجماعي.