يترّقب اللبنانيّون بحذر دخول الحكومة العتيدة مرحلة تطبيق شعارها «الى العمل» ولكن من دون أن يعلّقوا آمالاً كبيرة تلقي بهم لاحقاً في مهبّ الإحباط، غالباً تأتي الحكومات بشعارات كبيرة وبرّاقة ثم ما تلبث لاحقاً أن تفشل في ترجمة شعاراتها، صحيح أن إبداء الهمّة يبدو عالياً جداً، وأنّ هناك وزراء ووزيرات يحوزون ثقة الناس ولكن، بعض الملفّات فضائحها أكبر بكثير من ادّعاء الحكومة قدرة جديّة على حلّها، أساساً تدخل الحكومة يوم العمل الأوّل على إيقاع تصاعد وتيرة التقنين الكهربائي، وهلمّ جراً!
هل تملك حكومة العمل خطّة عمل؟ لماذا سارع حزب الله لرفع ملف الحرب على الفساد وهل انتهى تعطيل حزب الله للحياة السياسيّة؟ أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابة، تماماً مثل الملفّات الشائكة التي قد تغرق أي حكومة، فالكهرباء، والنفايات، والمحارق، كلّها ملفّات «محاصصة» وتوزيع مغانم وتفتقد لأدنى حدود الشفافيّة، وسيكون من السذاجة أن يصدّق اللبنانيّون الذين قيل لهم قبل سنوات انّ الدولة اكتشفت أن حلّ أزمة النفايات هو في «تصديرها»، يترقبّون المواعيد الجديدة التي يجري الحديث عن عودة النفايات فيها إلى الشوارع اللبنانيّة، فهل تملك الحكومة خريطة إستباقيّة تمنع وقوع الكارثة أم أنّها ستفاجأ جرياً على عادة كلّ الحكومات؟!
البيان والشعار الحكومي شيء، وخطّة عمل الحكومة شيء آخر، خصوصاً أنّه لا وقت للتفاؤل، السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل تملك حكومة العمل خطّة عمل تنخرط فيها جديّاً في عمليّة «الإصلاح»، أم أنّها ستدخل هذا الحقل عـ»البقبيشة»؟ وهل فعلاً تملك خطّة عمل واضحة وشفّافة لمعالجة الكوارث التي يغرق فيها اللبنانيّون؟ بصراحة، نشكّ في ذلك!
التهليل والتطبيل للحرب على الفساد وعرض العضلات النيابي المملّ الذي تابعناه منذ الأربعاء الماضي ربّما أزاح الستار عن رغبة حزب الله في السيطرة على المشهد المسرحي المدّعى في الحرب على الفساد، سيتمّ إغراق اللبنانيّين في مقبل الأيام وعبر الإعلام في تشنّجات «ملفّ جاهز» أشهر النائب حسن فضل الله منه ورقة أولى حملت عنوان «11 مليار دولار»، لا تستبشروا خيراً ففي الأفق وراء هذا الملفّ تعبق روائح تأزمات سياسيّة وسيجري «نصب السيرك» متى احتاج الحزب المأزوم إلى تعطيل المشهد السياسي اللبناني، إذ قد يظنّ البعض أنّ «التعطيل» انتهى وانتفت الحاجة إليه، وهذا غير صحيح على الإطلاق!
يحتاج مطلق عمل إلى «صدق النيّة»، هل النّوايا صافية؟ تُعلّمنا التجربة اللبنانيّة أن نشكّ في صدق النّوايا، فهي وإن بدا أنّ الجميع «ناويين عالخير» فعادة تخبئة العصيّ في الدّواليب لبنانيّة بامتياز، لا أحد باستطاعته ادّعاء اطلاعه على النوايا والسّرائر، و»لكلّ امرىء ما نوى».
بكلّ الأحوال ليس بخافٍ أنّ نظرة على المشهد العام اللبناني، تثير القلق والرّيبة، حتى في تحليل الأرقام التي تحدّث عنها وزير المالية علي حسن خليل ألقيت الكثير من الشكوك حول «سيدر» وأمواله ومساعداته التي تحتاج عامين للوصول، ومخاوف الأزمة التي ستتضخم خلال هذيْن العاميْن، بصراحة لا يوجد شيء يطمئن اللبنانيّين، على العكس حتى التحليلات المالية والاقتصاديّة تمعن في إثارة قلق ومخاوف النّاس، عسى أن يكون بمقدور حكومة العمل أن تطمئن اللبنانيّين وأن تترجم شعارها في وقت قصير.
* أعتذر من جميع القرّاء على هذا الغياب القسري الطويل، في 27 كانون الثاني الماضي نقلت في شبه غيبوبة ووضع صحي مأزوم إلى المستشفى، مكثتُ لأيام في العناية المركّزة، غادرتُ بعد أسبوعين ولا أزال أتلقّى العلاج، أسأل الله أن يتمّ عليّ شفاءه ومعافاته.