يترقّب اللبنانيون مآل اللقاءات التي تجري في العواصم الدولية، ولا سيما ما أدى إليه إجتماع الرئيسين الأميركي والفرنسي جو بايدن وإيمانويل ماكرون، باعتباره استحوذ على حيّز من الإهتمام بالإستحقاق الرئاسي، وثمة مصادر نيابية قريبة من باريس، تشير إلى أنه، وفي حال تمّ التوافق بينهما على هذه المسألة وآلية التسوية، فعندها قد يأتي الرئيس ماكرون إلى بيروت ولن تقتصر زيارته إلى الناقورة لتفقد كتيبة بلاده العاملة في نطاق قوات الطوارئ الدولية، ولكن حتى الساعة، وفق ما تنقل هذه المصادر عن أوساط فرنسية في العاصمة بيروت، ليس هناك أي تأكيدات لحصول هذه الزيارة، وربما ثمة تكتّم عليها لدواع أمنية، وفي غضون ذلك، أبغض الحلال أن ماكرون سيرسل مستشاره السفير باتريك دوريل، الذي يواكب ويتابع الملف اللبناني مع كافة الدول المعنية بشؤون هذا البلد.
وفي موازاة ذلك، كشفت المصادر أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري، سيعتمد نمطاً مغايراً عن الجلسات السابقة لانتخاب الرئيس، وأول الغيث، وتحضيراً للمناخات التهدوية، فقد عمّم على نوابه وقياديي حركة «أمل»، وكذلك على بعض رجال الدين، توجيهات بعدم التعرض لا من قريب أو من بعيد للبطريرك الماروني بشارة الراعي، وكان الرئيس بري حازماً في هذه التوجيهات، حيث أن اتصالات مكثفة وعلى أعلى المستويات، حصلت بين بكركي وعين التينة، من أجل وضع الأمور في نصابها وإعادة التلاقي والحوار، ولا سيّما أن سيد بكركي كان في الآونة الأخيرة من الذين أشادوا بمواقف بري وإصراره على حصول الإستحقاق الرئاسي في أقرب وقت ممكن، من خلال ممارسته الدستورية والحفاظ على الوحدة الوطنية، وعدم التفريط بما أناط به الدستور من صلاحيات للرئاسات الثلاث.
من هذا المنطلق، فإن الهدوء والإستقرار عادا إلى خط عين التينة والصرح البطريركي، دون استبعاد أن يرسل الرئيس بري موفداً له للقاء البطريرك الراعي بعد عودته من الفاتيكان، من أجل التشاور حول الإستحقاق الرئاسي، ومن ثم إزالة كل ما عكّر صفة العلاقة بين الفريقين، لا سيّما الحملات التي شُنّت، خصوصاً وأن بري حريص على الحفاظ على العلاقة التي تربطه بالصرح. وعلى هذه الخلفية، فإن تدوير الزوايا جارٍ على قدم وساق من قبل رئيس المجلس النيابي، لأنه مدرك أن التسوية سترسو على مرشحَين أساسيين، وربما وحيدين حتى الآن، أي رئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، وقائد الجيش العماد جوزاف عون، مع استمرار النائب ميشال معوض بترشحه، وبالمحصلة مواصلة القوى الداعمة له بالإقتراع والتصويت له، إلى حين أن يتبدّل المشهد الرئاسي، وتأتي المخارج لحلّ هذه المعضلة من الخارج، وبالتالي، التوافق على مرشح سيكون حتماً رئيساً جديدا للجمهورية من خلال سيناريو شبيه بتسوية الدوحة، ولكن على مستوى دولي وإقليمي، بمعنى يتخطى الصيغة التي اعتمدت حينذاك، نظراً لما يعانيه البلد اليوم من أزمات وانقسامات، حيث بات وضعه على شفير اندلاع أكثر من ثورة.
وأخيراً، وأمام هذه المعطيات، فإن القلق يبقى قائماً من دخول جهات معينة لعرقلة المساعي الجارية، أو الإصطدام بعراقيل جديدة، وما يُبقي هذه الهواجس قائمة، إنما يعود إلى ما يحصل اليوم في البلد من ملفات تفجيرية مالية وإقتصادية من «الكابيتال كونترول» إلى الدولار الجمركي والتداعي المستمر في القطاعين التربوي والصحي، وتراجع الدعم الدولي والعربي لأكثر من مؤسّسة وصرح تربوي وأكاديمي إلى أمورٍ كثيرة من شأنها أن تؤثّر على المساعي الآيلة لانتخاب الرئيس العتيد.