Site icon IMLebanon

الأنظار تتجه الى قمّة بايدن- ماكرون… الملف اللبناني على الطاولة دون حلّ للرئاسة!!

 

 

تتجه الأنظار في الداخل نحو القمة الأميركية- الفرنسية بين الرئيسين جو بايدن وإيمانويل ماكرون، التي ستُعقد على هامش الإحتفالات بالذكرى الثمانين لإنزال النورماندي، الذي نفّذه الحلفاء في 6 حزيران 1944، بعد وصول بايدن يوم الأربعاء الى فرنسا والمشاركة فيها. فما يهمّ لبنان هو ما سينتج منها في ما يتعلّق بالاستحقاق الرئاسي، وبملفات البلد والمنطقة العالقة حالياً الى حين حصول التسوية الكبرى.

 

وتكمن أهمية انتظار نتائج هذه القمّة، على ما أكّدت مصادر سياسية واسعة الاطلاع، نظراً لتزامنها مع 3 أحداث مهمّة تتعلّق بالملف اللبناني: أوّلها مقترح كبير المستشارين في البيت الأبيض لشؤون أمن الطاقة آموس هوكشتاين حول الحدود البريّة وتطبيق القرار 1701. ثانيها زيارة الموفد الفرنسي الرئاسي جان إيف لودريان الآخيرة الى بيروت، والتي لم يُحقّق فيها أي خرق في الترويج لـ “الخيار الثالث”، رغم دعمه لـ “بيان الخماسية”. وثالثها الهجوم المسلّح على السفارة الأميركية في عوكر من قبل شخص من الجنسية السورية، كان مسجّلاً وعائلته لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الأمر الذي يعيد مسألة إعادة النازحين السوريين من لبنان ودول الجوار الى سوريا الى الواجهة ، رغم رفض المجتمع الدولي لذلك في المرحلة الراهنة.

 

وصحيح أنّ الملف اللبناني لن يكون الطبق الوحيد والأبرز على طاولة أعمال القمة الأميركية- الفرنسية المرتقبة، على ما أضافت المصادر، سيما أنّ ثمّة اهتماما بالحرب في أوكرانيا، وبالمسألة الصينية، وبملفات أخرى تتعلّق بدول المنطقة ككلّ، أبرزها الحرب “الإسرائيلية” على غزّة ومبادرة بايدن لوقف إطلاق النار، فضلاً عن مناقشة تفاصيل التسوية الإقليمية التي من شأنها إدخال جميع دول الشرق الأوسط في مرحلة سياسية جديدة. ولهذا فإنّ ما قام به الوسيط الأميركي من خلال اقتراح حلّ شامل للحدود البريّة، من شأنه إعادة الاستقرار والهدوء عند الجبهة الجنوبية، لا سيما بعد اتخاذ قرار الهدنة في غزّة، سيكون موضع نقاش. علماً بأنّ هوكشتاين أشار الى أنّ مقترحه لن يحقّق “السلام الدائم والأبدي” عند الحدود بين لبنان و “إسرائيل”.

 

وعلى جدول أعمال القمّة أيضاً، ستوضع نتائج زيارات لودريان الست الى لبنان التي لم تُقدّم الملف الرئاسي خطوة واحدة، على ما أوضحت المصادر، ولم تتمكّن من “تثبيت” الخيار الثالث كحلّ نهائي للذهاب الى مجلس النوّاب وانتخاب الرئيس. غير أنّ لودريان تمكّن في زيارته الأخيرة من السماع من رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” أنّ حزب الله مستعدّ للذهاب الى انتخاب الرئيس من دون ربط هذا الملف بحرب غزّة والجبهة الجنوبية. وهو تقدّم ملموس يمكن البناء عليه، علماً بأنّ الاتجاه هو لتنفيذ مبادرة بايدن حول الهدنة في ووقف إطلاق النار في القطاع، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على جبهة الإسناد في الجنوب.

 

كما ستتم مناقشة مسألة مساهمة شركة “توتال إنرجي” في عملية الاستخراج والتنقيب عن النفط والغاز في البلوكين 4 و9، وتمكّنها من خلال ترؤس “كونسورتيوم” الشركات من “تجميد” تدفّق النفط والغاز من الثروة النفطية في البلوكات البحرية في المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة للبنان. (الأمر الذي يصبّ في المصلحة الأميركية- “الإسرائيلية” التي تسعى الى منع لبنان من استعادة عافيته الاقتصادية والمالية ، من دون حاجته الى مساعدات صندوق النقد الدولي). وهي ورقة تحتفظ بها كل من أميركا وفرنسا لاستخدامها في الوقت المناسب.

 

وتوقّعت المصادر السياسية في الوقت نفسه، أن يجري التطرّق الى “اليوم التالي” لوقف إطلاق النار في غزّة وعند الجبهة الجنوبية. فهناك تشجيع من قبل أميركا وفرنسا ودول “الخماسية” على ضرورة تشاور الكتل النيابية في ما بينها، إذ ليس من قوّة تستطيع الضغط للاتفاق على رئيس وسطي. كما سيكون هناك اقتراح يتعلّق بإعادة إعمار الجنوب الذي تدمّر بفعل المواجهات العسكرية بين حزب الله و “إسرائيل”، وإمكان تشكيل صندوق لبناني يكون مدعوماً من قبل الدول العربية والدولية، من قبل رجال أعمال خليجيين وغربيين لإعادة القرى الجنوبية الى ما كانت عليه قبل 8 تشرين الأول الفائت. (علماً أنّ صواريخ الفوسفور التي تستخدمها “إسرائيل” في حربها على الجنوب قد حرقت الأخضر واليابس، ومن الصعب أن تعود الأراضي منتجة كما كانت في السابق).

 

ولا يمكن الحديث عن إعادة الإعمار، من دون “ترسيم” الحدود البريّة بين لبنان و”إسرائيل” بشكل نهائي، على ما عقّبت المصادر، الأمر الذي يكلّفه بايدن الى كبير مستشاريه ويضع ثقته في أنّه سيتمكّن من إنجاز “إتفاق الحدود البريّة”، على غرار نجاحه في التوصّل الى “اتفاقية ترسيم الحدود البحرية” بين الطرفين. ومن المعلوم أنّ هوكشتاين لم ييأس ولم يتراجع، على العكس تماماً فهو سيكون جاهزاً للعودة الى لبنان والمنطقة فور وقف إطلاق النار ، لاستئناف المفاوضات التي تُعيد الأمن والاستقرار الدوليين الى المنطقة الجنوبية ، من بوّابة “تحديد” الحدود أو الاتفاق عليها، وتطبيق القرار الأممي 1701 على مراحل، وسيؤيّد الرئيسان اقتراح ترك حلّ مزارع شبعا الى وقت لاحق.

 

ومن الطبيعي أن يكون الهجوم على السفارة الأميركية، على ما أكّدت المصادر ذاتها، احدى نقاط المشاورات الموضوعة على طاولة القمّة، لما يشكّله أمن السفارات والحفاظ على الاستقرار الداخلي في لبنان من أهمية بالنسبة للولايات المتحدة وفرنسا وسائر دول “الخماسية”. وإلّا لما جاء موفدو هذه الدول تباعاً الى لبنان والمنطقة للتحذير من التصعيد ومن توسيع الحرب، لأنّ أحداً لن ينجو منها.

 

كذلك فإنّ الرئيسان، بحسب رأي المصادر، سيضعان جدول المرحلة المقبلة بالنسبة لسياسة بلديهما الخارجية، ولإمكان تعاونهما معاً لا سيما في منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً إذا عاد بايدن الى البيت الأبيض. فالرئيس الأميركي يُعوّل على الانتخابات الرئاسية، ولهذا يدرس خطواته جيّداً لكيلا يفقد الناخبين العرب، الذين تُشكّل اصواتهم أهمية كبرى بالنسبة الى نتائج الانتخابات. كما أنّ الرئيس الفرنسي يحاول إعادة “تثبيت” الدور الفرنسي في المنطقة، لا سيما في لبنان، وإن لم ينجح حتى الآن لا في الملف الرئاسي ولا في ملف النفط، غير أنّه سيكون جاهزاً للتصرّف في الوقت المناسب. غير أنّ قمّة النورماندي لن تحمل الحلول السحرية للأزمات اللبنانية العالقة منذ فترة طويلة، وعلى رأسها الفراغ الرئاسي.