نجح جوزف بايدن أم بقي دونالد ترامب، من غير المتوقع أن تتغير السياسة الأميركية حيال لبنان، حتى لو أطلق البعض خياله للتحليلات والتوقعات، التي تفترض أن رئاسة بايدن قد تحمل جديداً غير المواقف التي انتهجتها إدارة الرئيس الحالي.
الأهداف واحدة لدى الجمهوريين والديموقراطيين حيال الشرق الأوسط وبالتالي لبنان. قد يختلف الأسلوب أحياناً في السعي نحو الأهداف. بايدن صبور أكثر على حصيلة الضغوط فيما ترامب مستعجل.
يختلف بايدن بأنه يعرف شخصياً لبنان واللبنانيين والمنطقة جيداً، من موقعه السابق كرئيس للجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ لمدة طويلة، قبل أن يكون نائباً للرئيس باراك أوباما. وهو زار لبنان مرتين على الأقل. الأولى على رأس وفد موسع من الكونغرس، العام 2005 بُعَيد انسحاب الجيش السوري من لبنان والانتخابات النيابية التي أعقبته، للاطلاع على التطورات المتسارعة التي حصلت، بعد انتفاضة “14 آذار” المفصلية والتي أيدتها إدارة الرئيس جورج دبليو بوش، وكذلك الكونغرس. في تلك الزيارة تعرف إلى مروحة واسعة من الزعماء اللبنانيين. واهتم بايدن بطرح أسئلة تفصيلية على محدثيه عن تقديراتهم في شأن مستقبل لبنان. منها مثلاً: هل تعتقدون أن “حزب الله” سينسجم مع سياسة استقلال لبنان عن النفوذ السوري ويُخضع سلاحه للدولة اللبنانية؟ كان المناخ السياسي في حينها يشمل بين أمور كثيرة قيام التحالف الرباعي بين قوى من “14 آذار” أي تيار “المستقبل” و”الحزب التقدمي الاشتراكي” وحزب “القوات اللبنانية” مع “حزب الله” (وحركة “أمل”)، في الانتخابات النيابية التي جرت ربيع ذلك العام. حصل على جوابين مختلفين الأول يعتبر أن “الحزب” لن يغير سياسته وأن مراهنة البعض على ذلك ستسمح له بتعزيز دوره، وأنه يرث القبضة السورية على البلد وسيبقى تابعاً لإيران، فيما الثاني توقع أصحابه أن “يتلبنن” الحزب لأن انكفاء سوريا من البلد سيدفعه إلى ذلك، وبالتالي سيتراجع اعتماده على سلاحه تدريجاً. الأحداث رجحت الجواب الأول طبعاً.
الزيارة الثانية في أيار 2009 كنائب للرئيس، حيث تحدث عن “ضرورة أن يكون في لبنان جيش واحد وشرطة واحدة لحماية البلد”، وثمّن “تضحيات الجيش اللبناني في 2007 في معركته في نهر البارد ضد “فتح الاسلام”، داعياً اللبنانيين إلى دعم الجيش. ودشن برنامج مساعدات كهبة من الإدارة إلى المؤسسة العسكرية بأكثر من 400 مليون دولار. كان لافتاً أن الزيارة جاءت قبل أسبوعين من الانتخابات النيابية التي حصدت فيها قوى 14 آذار وحلفاؤها الأكثرية. بقي بايدن يتسقط المعلومات عن لبنان من النواب وأعضاء مجلس الشيوخ من أصل لبناني، ومنهم صديقه راي لحود، وظل أيضاً على صلة مع شخصيات سياسية لبنانية يعرفها جيداً.
ليس منتظراً أن يغير بايدن في حال فوزه، في سياسة العقوبات حيال “حزب الله” وإيران وتدخلاتهما في الحروب الإقليمية، أو حيال برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، على رغم إعلانه أنه سيسعى إلى العودة إلى الاتفاق النووي مع طهران بعد حوار حول التزاماتها. كما أن بايدن لن يتراجع عما حققه ترامب إقليمياً لا سيما لجهة التطبيع بين دول عربية وإسرائيل. استطراداً، لا تغيير في العقوبات على “الحزب” وحلفائه، لأنها تقررت بتوافق الحزبين أساساً. تقترن العقوبات سواء في ظل بايدن أو ترامب، مع الحرص على عدم انهيار لبنان بالكامل لكن على قاعدة تصحيح الممارسة السياسية فيه بالإصلاحات وأولوية الترسيم.