تعقيدات سياسية كثيرة في المنطقة لا يبدو حلّها ممكناً سوى بالخيارات العسكرية!
الكل في المنطقة في الحرب، ويتهيّأ لمزيد من الحروب على وقع مبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن! ومبادرة بايدن هي المبادرة الأخيرة الممكنة قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في 5 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل!
ومع احتمال فشل مبادرة بايدن، فإن إسرائيل هي التي ستبادر في الحرب الشاملة مع حزب الله ولبنان، وليس العكس! فالحزب يعتمد الأسلوب الإيراني بالرد المحدود وبالالتزام بقواعد الاشتباك، أي بعدم أخذ المبادرة بتوسعة الحرب!
الأسلوب الإيراني، وخلفه حزب الله، يتركان مجالاً للدور الأميركي لتعطيل صواعق تفجير الحرب الشاملة على المستوى الإقليمي، كما على مستوى الجبهة الجنوبية للبنان.
إذ تعتمد إيران، وخلفها حزب الله، على الأميركي، لإدراكهما أنه وحده «يستطيع» سياسياً في المنطقة! فخارج ميدان القتال، الأميركي هو اللاعب الأساسي الوحيد! فيما كل الآخرين هم لاعبو احتياط في ديبلوماسية الوقت الضائع. وعلى رأسهم، الفرنسيون والاتحاد الأوروبي… وحتى جامعة الدول العربية!
وعليه، تراعي الولايات المتحدة إيران وحزب الله بالضغط على حكومة بنيامين نتنياهو باتجاه وقف الحرب في غزة وباتجاه عملية تبادل الأسرى بحسب خطة بايدن. ولا يعني ذلك أن بايدن يريد خدمة إيران أو حزب الله، بل خدمة حملته الانتخابية من جهة، وكمخرج ممكن للحرب من جهة أخرى.
الأميركيون أوضحوا صراحة في الهيئة العامة للأمم المتحدة خلال جلسة التصويت لعضوية فلسطين أن الحل في المنطقة يكون عبرهم، وليس عبر أي فريق آخر! وهم أوضحوا بالتالي أنه لا جدوى من الآخرين، وأنه إذا ما حاول البعض أخذ التصويت لعضوية فلسطين في الأمم المتحدة الى مجلس الأمن فهو سيلقى مصير التصويت السابق، أي الفشل، بفيتو أميركي!
في حزب الله، يقترب عدّاد الشهداء من حوالى الـ 400، وهو تخطّى عدد شهدائه في حرب تموز بأكثر من 50%! ومع ذلك، فهو ملتزم بقواعد الاشتباك، بعيداً جداً عن شعاراته التدميرية لإسرائيل!
ويلتزم حزب الله بخياره أنه يصعِّد فقط عندما يصعِّد الإسرائيليون. ولكنه لن يكون المبادر في إطلاق الحرب الشاملة، ما يعني أنه يدرك أن هذه الحرب الشاملة لن تكون نهاية لإسرائيل. وإلّا لكان مبادراً لها!
إسرائيل تقصف المناطق الحدودية في لبنان. وتدرك أن مناطقها الشمالية هي عرضة لصواريخ حزب الله، الموجعة أحياناً. كما تدرك أن موعد عودة أكثر من 100.000 من مواطنيها الى قرى ومستوطنات الشمال لم يحن بعد! وأن حزب الله لن يسلّم لها أوراقه ويخلي الجنوب «بريحة طيبة»! وإذا استجاب، فبأي ثمن؟!
وفي إطار «الفاتورة المفتوحة» والنازفة عند الإسرائيليين، من المستبعد وقف الحرب من دون إبعاد الخطر نهائياً عن حدودها وعن مستوطنيها، بعد عودتهم غير القريبة الى منازلهم!
إلّا إن إسرائيل لن تفتح جبهة الشمال قبل الانتهاء من اقتحام رفح، أو إيجاد تسوية دولية وميدانية مقنعة تعتمد على إخراج من تبقّى من قادة حماس من القطاع بعد استعادة الأسرى. وهو ما يبدو مستحيل القبول لحماس، حالياً على الأقل!
ويبقى أن تسويق خطة بايدن هو أصعب إسرائيلياً منه لدى حماس. ومن غير المتوقع أن يوافق مجلس الحرب الإسرائيلي عليها! فالكلام في المنطقة هو عن حلول نهائية أما التحضيرات والمؤشرات فهي لمزيد من الحروب!