Site icon IMLebanon

خطاب البيال والرهان على الحريري

لا يحتاج الرئيس سعد الحريري الى تقديم، سواء في السياسة أو بالنسبة إلى التحالفات التي كثيراً ما تظهر كأوراق مرَّ عليها الخريف من غير أن يعيرها انتباهاً.

ولا تفوت رئيس “تيار المستقبل” القضايا الأساسيّة التي يدرك سلفاً أنّها تنتظر على أحرّ من الجمر. وفي مختلف الساحات والحقول. وخصوصاً عند منعطف الفراغ الرئاسي، بل الفراغ الشامل الذي يزنِّر الدولة ويكربجها منذ عامين.

يدرك الحريري جيداً ما ينتظره قبل أن يبدأ رحلته التفقديّة الطويلة. ولا يفوته لحظة أن اللبنانيّين ما زالوا يراهنون عليه، وينتظرون انعطاف التطوُّرات على صعيد المنطقة.

خطاب “البيال” قوبل بالاستحسان والترحيب والتشجيع. لقد ظهر الحريري من خلاله بطلّة جديدة. وبأفكار جديدة. وبحوافز جديدة. مع حرصه على التمييز بين ما هو حاصل في الساحة السياسيّة، وما هو مطلوب أن يحصل، لتحقيق التوازن، وعودة المواثيق والاتفاقات.

إلاّ أن سعد الحريري لا يفوته، وهو يتابع مجرى التطوّرات، كل ما خسره لبنان خلال زمن الفراغ والانفلاش والتسيّب. وما يتوق إليه اللبنانيّون. بل ما يتوقّعونه وينتظرونه منه، عند هذه المفارق العربيّة المتداخلة والمتنافرة.

لا يغيب عن بال سعد الحريري وفكره حجم “المونة” الإيرانية في بعض المنطقة، وتحديداً العراق ولبنان، وبصورة خاصة سوريا، وكيف تدير حروبها ودواليب سياستها المحليّة والإقليميّة والدوليّة. وأحياناً بأسلوب الثلاث ورقات التي تجيدها وتتقن إدارتها، ما دام “حزب الله” يتولّى الجناح الأكثر دقّة وأهميّة في مواجهتها العسكريّة.

أما بالنسبة إلى الفراغ الرئاسي – الفضيحة الكاملة الفصول والتفاصيل، فهو يعلم علم اليقين أن حلولها ليست في معراب، ولا في الرابية، ولا في البازنافال، ولا في باريس أو واشنطن.

وهنا التركيز الذي يأمل كثيرون أن يوليه الرئيس الحريري للموضوع الرئاسي، إذ أن “مقر” العقدة الفراغية بكامل ملحقاتها هو لدى “حزب الله”، وفي أدراج مطابخه السياسيّة المتعدّدة الاختصاص. لا بدَّ من مواجهة الواقع السياسي بكل أفرقائه، من نافذين وعاديّين، وطرح الوضع اللبناني بكل شفافية، ودقة. ومن كل الجوانب. وبمنتهى الصراحة.

صحيح أن “الحزب” ليس كل الحكاية. ولا كل الأسباب. إلاّ أنه الأقرب، والأفعل، والأكثر مونة لدى طهران ومزاجها وميولها. وهو الآن يمسك بالوضع الرئاسي، بل بالوضع اللبناني من كل جوانبه، بقوّة مدعّمة من داخل ومن خارج.

وعند هذه الحقائق الأساسيّة قد يجد الرئيس الحريري أنه من مصلحة لبنان وكل الأفرقاء الانتقال إلى مرحلة التفاهم والتوافق على رئيس صالح وثقة، يليق بالجمهوريّة، ويكون عند حسن الظن.