في يوم واحد حذرت مرجعيتان غير زمنيتين من الفوضى العارمة والانفجار الكبير المتوقع حدوثهما «في القريب العاجل».
صحيح ان ما قاله كل من صاحب النيافة والغبطة البطريرك الماروني بشاره الراعي وسماحة المفتي الجعفري الممتاز أحمد قبلان، امس، ليس جديدا، وهو ما يقول به الكبير والصغير، في لبنان والخارج الا ان صدوره عن هذين المقامين يأتي بمثابة دق ناقوس الخطر الداهم، في وقت بدأ الشارع يغلي لأن الناس تكويهم الأوجاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية عموما ، من الغذاء الى الدواء مرورا بالمدرسة والاستشفاء والبنزين والمازوت وسائر متطلبات الحياة من الحد الأدنى للعيش المعقول، في وطن ألف أبناؤه رغد العيش الكريم، فوجدوا انفسهم في بؤس غير مسبوق، وفي دولة فاشلة، وأمام مسؤولين وقيادات، ليس فقط انها عاجزة عن حل أصغر المشكلات، بل أيضا هي قاصرة عن انتاج حكومة لن يكون في مستطاعها ان تتجاوز الحضور الشكلي. وحتى مثل هذه الشكليات باتت مطلبنا!
اننا في زمن العار الذي هو عنوان فاقع لمن يسميهم السيد البطريرك بـ»الجماعة السياسية» التي لم ينكب بلد في المعمورة بأسوأ منها. هؤلاء حولوا بلد الهناء الى بلد الشقاء، ووطن الازدهار الى وطن بطاقة الاعاشة التي سيوظفونها في مصالحهم الانتخابية، ووطن التألق والأضواء الى وطن الظلام، ووطن الأمان والاطمئنان الى وطن الخوف، ووطن الروعة والجمال الى وطن البشاعة، ووطن الطبيعة الخلابة الى وطن الكسارات والنفايات، ووطن الأحرار الى مزرعة للأزلام والعبيد.
اي فرية ولم يرتكبوها؟ أي خطيئة ولم يمارسوها؟ أي اثم ولم يتدنسوا به؟ أي فساد ولم يبتكروا فيه أنواعا وأصنافا؟ (…).
وبعد، أي تهمة ولم توجه اليهم؟ وأي خزي لم يرشقهم به الأقربون والأبعدون في الخارج، وعن «استحقاق»؟ ومن أسف فإنهم يتلقون ذلك وكأنه عطور ورياحين!
ماذا يمكن أن يقال فيهم أكثر مما قيل؟ فهل ثمة من حياء؟ وهل ثمة من ندم؟ وهل ثمة من وقفة مع الذات يتداعون فيها الى النظر في المرايا ليكتشف كل منهم كم هو قبيح، وكم هو فاسد، وكم هو مسؤول عما حل في البلاد والعباد؟
ماذا ينتظرون؟
اذا كانوا عاجزين، وهم عاجزون عن كل مكرمة قدر ما هم بارعون في الفساد والارتكابات، فليرحلوا جميعا، غير مأسوف عليهم. وليتركوا لنا ما تبقى من هذا الوطن، عل يكون ممكنا اصلاح بعض مما أفسدوا ونهبوا وبنوا الدور والقصور ليس فقط من مال الشعب وحقوقه، بل أيضا على حساب تاريخه وأمنه الاجتماعي وكرامته.