ها هو الشرق الأوسط الجديد، فريق أميركي يلعب كرة الطائرة في طهران، وشركة فرنسية بدأت إستثمار فندق كبير وإدارته في إيران.
ها هو الشرق الأوسط الجديد. الولايات المتحدة الأميركية حليف استراتيجي لإيران بعد الإتفاق النووي. حدود «سايكس-بيكو» تسقط في المئوية الأولى لولادتها، تُمحى ليعاد رسمها بالدم والحديد والنار، بما يتناسب مع موازين القوى الدولية والإقليمية الراهنة. ومعها تتهاوى أنظمة وتتنامى دويلات طائفية ومذهبية وعرقية على حسابها.
وبعيداً مِن مشهد الإرتباك والتوتر السياسي والإشتباك الكلامي المتواصل في لبنان، ينهمك القادة اللبنانيون في تحليل مصير منطقة الشرق الأوسط، ومستقبل التحالفات والتوازنات، وحسابات الربح والخسارة، بعد توقيع الإتفاق بين إيران والغرب، في ظل تضارب في المعطيات والمؤشرات، بهدف التكيُّف مع إرتداداته على لبنان ونتائجه في حسم الملفات الخلافية والاستحقاقات الكبيرة العالقة.
الأكيد أن المنطقة ستدخل مرحلة جديدة وتحدّيات غير مسبوقة. سنشهد سباقات في كل إتجاه:
– سباق على إعلان النصر الى حدّ الإستفزاز، من طهران الى بغداد الى دمشق فبيروت…
– سباق على التسلّح النوعي من طهران الى الرياض وحلفائها.
– سباق الى برنامج نووي سلمي في السعودية في المقابل.
– سباق على أسواق النفط بعد رفع القيود عن النفط الإيراني.
– سباق الشركات الأميركية والغربية على الإستثمار في مشاريع إيرانية.
ما بعد الإتفاق النووي لن يكون كما قبله.
ولكن من سيربح ومن سيخسر؟ وهل تنضم طهران الى الشرعية الدولية أم تواصل مشروعها كقضية دينية في تصدير الثورة والإصطدام مع جيرانها؟
هناك وجهة نظر تنطلق من أن إيران ستستفيد حكماً من التسوية الدبلوماسية في فك عزلتها وتحسين إقتصادها لتزيد من محاولات سيطرتها وبسط نفوذها في الشرق الأوسط، وإن الإتفاق النووي سيحمل حتماً تغييراً أساسياً في ميزان القوى لمصلحتها، وإن الإدارة الأميركية لن تُمانع ذلك.
وُجهة نظر مقابلة توافق على أن رفع الحظر عن بيع الأسلحة المتطورة، وخصوصاً الروسية والصينية، لإيران، من شأنه تقوية الحرس الثوري الإيراني ودعم مؤيّديه كـ«حزب الله» والميليشيات الشيعية في العراق والحوثيّين، وبالتالي سيزيد عدم الإستقرار في المنطقة، ويُهدّد المصالح الأميركية ودول الخليج.
إلّا أن هذا الفريق يعود ليقلّل من مخاوف هيمنة إيران على الشرق الأوسط، ويرى فيها مبالغة كبيرة، لأن سباق تسلح جديداً سينطلق في المنطقة، كما أن دول الخليج ستحتفظ بالتوازن العسكري النوعي، وهو ما التزمه الرئيس الأميركي باراك أوباما لحلفائه الخليجيّين في قمة كامب ديفيد قبل نحو شهرين.
وقد استبق المحور العربي الإتفاق النووي في أكثر من اتجاه:
1-إقامة تحالف عسكري غير مسبوق بقيادة السعودية وشن حرب على الحوثيين المدعومين من إيران، وكبح جماح المشروع الإيراني في كل الميادين.
2-حصول السعودية على عرض فرنسي لبناء مفاعل نووي سلمي للمملكة.
3-الإنفتاح السياسي للسعودية على روسيا.
ما زال الشرق الأوسط الجديد في بدايات تكوينه. من المبكر الرهان على انتصار هنا أو هزيمة هناك. وما زالت رؤوس كبيرة مُعرّضة للإطاحة.