في الوقت الذي تموج المنطقة بتداعيات «التحالف العنكبوتي الكبير»: الروسيا، ايران، تركيا» ومعهما «سوريا والعراق» ومعهم «واشنطن» العائدة الى المنطقة، والتي اصبحت لـ»الروسيا» «الكلمة الاولى النافذة» فيه لها!.
لذلك تموج المنطقة في هذا الوقت العصيب بـ»الصراعات الايديولوجية»، و»السياسية»، و»العرقية»، و»الطائفية» والتي مهّد لها «الإرهاب المعولم» الذي لا دين له ولا وطن..
تموج بهذه التداعيات التي افرزها «التحالف العنكبوتي الكبير» الثلاثي، على غرار «التحالف الثلاثي» الروسيا – بريطانيا – فرنسا والذي مهّد لـ»الصورة السياسية الجديدة» لـ»الشرق الاوسط» وفيه «قلبه» الوطن العربي» و»عضلة» هذا القلب لبنان الذي كان صغيراً ثم صار كبيراً بموجب «الصورة السياسية الجديدة» لـ»الشرق الاوسط الجديد» بعد ١٩١٩.
والآن في هذه اللحظة الحاسمة من تاريخ المنطقة، تطل غداً الخميس الذكرى الـ٩٧ لإعلان «دولة لبنان الكبير» في ٣١-٨-١٩٢٠ بـ»قرار دولي» وكان عندها «اميركي – بريطاني – فرنسي» تطبيقاً لقرارات الحلفاء الثلاثة في مؤتمر «سان ريمو» بإيطاليا في ٢٥-٤-١٩٢٠ التي جاءت تطبيقاً لـ»إتفاقية سايكس – بيكو» البريطانية – الفرنسية – الروسية ١٦-٥-١٩١٦ مع بعض التعديلات التي كان الاتفاقية قد رسمت بها خريطة المشرق العربي..!
وفي هذه الذكرى ووسط ما يتحدث «البعض» الاقليمي – الدولي عن مستقبل «لبنان الكبير» الذي قد يعود «صغيراً» كما كان ما قبل ٣١-٨-١٩٢٠، ويُعطى كـ «جائزة ترضية» لإحدى دول المنطقة، مع «فدرلة» هذا الـ»لبنان الصغير» ايضاً..!
وفي هذا السياق اشير الى ما كنت قد اشرت اليه في «قراءة ١-٣-٢٠١٦ عما كان قد اكد عليه «مايكل هايدن» الرئيس السابق لـ»وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية «سي.أي إيه» في مقابلته مع شبكة «سي.إن.إن» الاميركية السبت ٢٧-٢-٢٠١٦ بأن الاوقات الحالية تشهد تغييرات وصفها بـ»التكتونية» (نسبة الى تحرك طبقات الارض التكتونية التي تسبب الزلازل وتحرّك القارات وتغير تضاريس الارض) خصوصاً في منطقة الشرق الاوسط -على حد تعبيره- وهو وصف استعاره من دون ان يدري او يدري، الله اعلم، من الرئيس الاميركي الاسبق «ريتشارد نيكسون» كان قد وصف به الشرق الاوسط بهذا الوصف في سبعينات القرن الـ٢٠ الماضي..
واضاف «هايدن» وهذا ما يهم ان «الذي نراه هو انهيار اساسي للقانون الدولي، نحن نرى انهياراً للاتفاقيات التي تلت الحرب العالمية الثانية، نرى ايضاً انهياراً في الحدود التي تمّ ترسيمها في معاهدات ڤيرساي، واتفاقية سايكس – بيكو، ويمكنني القول بأن سوريا لم تعد موجودة، والعراق لم يعد موجوداً، وليبيا ذهبت منذ مدة، ولبنان يفقد الترابط»..!
هذا الكلام كان قد قاله قبلاً في ٢٧-١٠-٢٠١٥، مدير الادارة العامة للامن الخارجي الفرنسي «برنار باغوليه»، وذلك في مؤتمر حول الاستخبارات نظمته جامعة «جورج واشنطن» في «واشنطن» العاصمة الفيدرالية الاميركية، في التاريخ المشار اليه سابقاً، «إن الشرق الاوسط الذي نعرفه انتهى، واشك بأن يعود مجدداً».
واضاف «نحن نرى أن سوريا مقسّمة على الارض، النظام لا يسيطر الاّ على جزء صغير من البلد، وهو ثلث مساحة سوريا التي تأسست بعد الحرب العالمية الثانية (هي تأسست بعد الحرب العالمية الاولى، واستقلت بعد الحرب العالمية الثانية، ولا ادري ماذا يقصد).. الشمال يسيطر عليه الاكراد، وفي الوسط الذي تسيطر عليه «داعش».. او التي كانت تسيطر عليه.
و»الامر ذاته ينطبق على العراق» الذي اضاف: «لا اعتقد ان هناك امكانية للعودة الى الوضع السابق»..
مؤكداً على ان: «المنطقة ستستقر في المستقبل، ولكن في اي خطوط؟ لا ادري في الوقت الراهن، ولكن في مطلق الاحوال ستكون حتماً مختلفة عن الشرق الاوسط الذي رسمت معالمه ما بعد الحرب العالمية الثانية»..!!
وهذا ما ذكرني بما كان قد قاله «دين براون» مبعوث الرئيس الاميركي الاسبق «جيرالد فورد» الى لبنان عام ١٩٧٦ حينما اكّد في تصريحات نشرتها له مجلة «مونداي مورنينغ» اللبنانية الصادرة باللغة الانكليزية بتاريخ ٢٣-٨-١٩٧٦ حيث قال: «إن تغييرات كبرى ستحدث في لبنان، في كل من النظام السياسي، واقتسام الكعكة» واضاف ان «الحل الفيدرالي لا التقسيم هو الحل الامثل للبنان»..!
وقبله كان الراحل الكبير العميد «ريمون إده» قد حذّر في ٢٨-١٢-١٩٧٥ من باريس: «بأنه اذا استمرت المعارك (وكان يقصد المعارك العسكرية بين الميليشيات ابان الحرب القذرة.. وما اشبهها اليوم بالمعارك السياسية التي يخوضها «البعض اللبناني» ضد «لبنان الدولة» ارضاً وشعباً ومؤسسات فإن الموقف سوف يؤدي الى تقسيم لبنان.. وتقسيم لبنان سيكون المرحلة الاولى من خطة ترمي بعد ذلك الى تقسيم سوريا ثم العراق، ومن ثم دول عربية اخرى»..!
والآن يتحدثون -في الاوساط الدولية» عن «فدرلة سوريا» بعد «فدرلة العراق»..
وبعدها اي بعد «الدولة السورية الفيدرالية» ستكون «الفيدرالية» كنظام لـ»دولة لبنان الصغير» المركبة قد طبق في «لبنان» الذي كان كبيراً من ٣١-٨-١٩٢٠..!!!
يحيى أحمد الكعكي