IMLebanon

الألم الكبير، والأمل الكبير

ليس 14 شباط مناسبة لتحفيز الذاكرة على استحضار رفيق الحريري، انسانا رائدا في السياسة والتنمية والتقدم، وطليعياً في فهم حلم اللبنانيين في وطن ودولة يتقدمان العصر.

14 شباط من كل سنة يوم لتجديد أمل كل لبناني، في أن نفق الجمود، ودرب التقهقر، ليسا قدراً، وأن تفتيت المؤسسات ونهش هيكل الدولة ليسا حتمية مكتوبة.

يوم بشرنا رفيق الحريري بنهوض لبنان، كان الحال أسوأ مما هو اليوم، ولولا عناده المحق، وإيمانه بأن “لا أحد أكبر من بلده”، لظل ما انجزه فكرة في رأس حالم بالمستحيل.

كثيرون أضافوا الى مجد لبنان، أدباً وشعراً وعلماً وصناعة وإدارة وابداعاً. وكل منهم أراد أن يكون الافضل، في مجاله، فاستحق التقدير والمكانة الأعلى في ما اختار، وأضاف الى مجد بلده مجداً. وحده، رفيق الحريري أراد أن يكون بلده الأفضل. لم يحتكر العلم، بل أتاحه لنخبة من جيل كامل. ولم يصادر التطور، بل شجع عليه، وبذل لذلك من ماله وجهده. خاض في كل غمار، فنصح وايد كل صاحب رؤية. كان لبنان يفتخر بمن يتقدم من ابنائه في كل مكان، واراد رفيق الحريري للبنانيين ان يفاخروا العالم ببلدهم. كان يريد للبنان ان يحتكر وزن أفعل في اللغة فيكون الأفضل والأجمل والأحسن، والأكثر انفتاحاً على المستقبل.

كثر معاندوه، فزادوه صلابة، وتعالى على الإساءات، مهما انحطت وانحط أصحابها.

تنوع أعداء مشروعه للنهوض بلبنان، من نظام الوصاية الذي لا يريد للبنان أن يخرج من تحت خيمته، إلى طبقة سياسية بعضها سفيه، وبعضها تافه، واكثرها أدوات تنفذ توجيهات المفوض السامي في عنجر، أو ممثليه، فيما ندرة تحترف السياسة عملاً وطنياً، وصولاً إلى صغار نفوس، وقصار بصيرة، من عوام وخواص، عجزوا عن فهم حلمه، فساروا في محاربته.

لكن الخصم الأخطر كان خوفه أن يشهر كل جوانب حلمه، فيوسع غضب من لا يريد للبنان أن يكون الأرقى والأفضل، فكان خياره العمل الدؤوب الصامت: لم “يلجأ” إلى منفى باريسي، ولم يصبر تحت أرض وزارة الدفاع، وفضل أن يحفر جبل الوصاية بإبرة الجهد والعمل، بتؤدة وأناة.

الألم الكبير لا تطفئه السنوات. والأمل الكبير لا تمحوه الدهور.

لا يحتاج رفيق الحريري ان نتذكره يوم 14 شباط، بل نحن من نحتاج الى هذا اليوم كي نجدد عهد الأمل الكبير بإكمال ما بدأه. وسعد الحريري ليس وحده المؤتمن على اخراج لبنان من درب الانتظار. فالمفتاح ليس في جيبه.

انه في ارادة كل لبناني، ومنهم سعد الحريري. ارادة ترى ان لا حل للتحديات التي يواجهها لبنان سوى في مشروع رفيق الحريري الذي يرى لبنان محوراً في ذاته، ونموذجاً في الاعتدال والحوار وسلطة الدولة.