IMLebanon

الأخطار الكبيرة

تستمر موجة الجمود السياسي في لبنان على رغم كل المواقف والتحركات، في انتظار ما ستؤول إليه المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة الأميركية والغرب وإيران، أو حصول مفاجأة ما على مستوى المنطقة تُعيد خلط الأوراق.

فالتمديد أصبح من الماضي، ولن يفيد استمرار بعض السجال حوله. وتقديم طعن في دستوريته لن يقدّم ولا يؤخّر. والحديث عن إطلاق ورشة لقانون إنتخاب جديد ليس أكثر من محاولة لتجاوز مرحلة التمديد، وملء الوقت الضائع في الفراغ على المستوى السياسي العام.

أما بالنسبة الى مصير انتخابات رئاسة الجمهورية، فلا شيء ملموساً حتى الآن، لا على صعيد لبننة الإستحقاق، ولا على صعيد تدخّلٍ خارجيٍّ وشيك. ونتائج المفاوضات الأميركية – الإيرانية ما زالت في دائرة الغموض، وحتى لو تم التوصل الى اتفاق ضمن المهلة المحددة في 24 الجاري، فهو لن يشمل كل القضايا المعقدة والمتشابكة في المنطقة ولا سيما منها لبنان.

وتدور أحاديث في واشنطن وعدد من العواصم الأوروبية، أن السياسة الأميركية التي كان من المفترض أنها «تهدف إلى إقناع طهران في القيام بتحوّل استراتيجي في سياساتها، والإنتقال من استعراض القوة والتدخّل، سياسياً وأمنياً، في شؤون دول الجوار إلى التزام المعايير الدولية بما يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة»، إنتهت إلى أن تخضع واشنطن إلى تحوّل استراتيجي كبير، وأن تعتمد تجاهُل السياسات الإيرانية بدل مواجهتها.

فقد واصلت طهران دعمها للحوثيّين في اليمن، والميليشيات الشيعية في العراق، ونظام الرئيس بشار الأسد في سوريا، و»حزب الله» في لبنان، وحركة «حماس» في فلسطين.

والقصة أكبر بكثير من تعطيل إستحقاق رئاسي. إنها جزء من النزاعات الدموية الدائرة في الشرق الأوسط لتغيير خريطة سايكس – بيكو، وفقاً لمصالح جديدة وتوازنات دولية وإقليمية جديدة.

وليس السؤال «هل سيتفكك العالم العربي»، وإنما «إلى أيّ مدى سيذهب هذا التفكك»؟

في موازاة هذا التحدي الكبير، تبدو المناعة اللبنانية الداخلية في أدنى منسوبها، نظراً الى ارتباط معظم القوى السياسية بمصالح دول إقليمية، وانشغال بعضها بحسابات تقليدية ، وانتظار قطف ثمار ما قد يُنتج من إنتصار أو هزيمة عسكرية في سوريا أو العراق، أو تفاهُم بين السعودية وإيران، أو بين واشنطن وطهران.

ليست العمليات الإرهابية وحدها ما يُقلق اللبنانيّين، وإنما قصور القوى السياسية عن إستشعار الأخطار الكبيرة التي تحاصر بلادهم وتهدّد وجودهم وتاريخهم وحضارتهم وكيانية لبنان.