في انتظار اتضاح مسار التطورات الداخلية المحيطة بالحوار غير المباشر الدائر بين معراب والرابية وذلك بعد تسلم الدكتور سمير جعجع ملاحظات العماد ميشال عون على ورقة الافكار او المبادئ التي نوقشت خلال الاشهر الماضية، تبقى الانظار شاخصة الى بكركي التي لا تزال تعتبر الملاذ الاول في ظل الظروف الدقيقة التي تعيشها البلاد بسبب الشغور الرئاسي، خاصة وان القمة الاخيرة التي انعقدت فيها قدمت تصورا واضحا لطبيعة المرحلة والاولويات الوطنية والمسيحية والتي على رأسها انتخاب رئيس للجمهورية.
وبرأي مصادر سياسية مسيحية فإن القمة الروحية التي شهدتها بكركي يوم الاثنين الماضي شكلت مدخلا للاضاءة على ابعاد الشغور الرئاسي «المسيحي» في لبنان في ضوء الوضع المسيحي العام في المنطقة حيث تسجل هجمة ارهابية على الاقليات وتحديدا المسيحيين من قبل التنظيمات الارهابية وذلك بعد عمليات القتل والمذابح والتهجير التي شهدتها المناطق والقرى المسيحية في العراق وسوريا. من هنا فإن المجتمعين في بكركي وجهوا رسالة الى الداخل كما الى الخارج، ركزت على ضرورة عدم التفريط بالموقع المسيحي الاول في لبنان كما في دول الجوار، انطلاقا من ان اي تهاون في هذا المجال سيترك ارتدادات سلبية على مجمل الوجود المسيحي في الشرق سواء بالنسبة للحضور او للدور السياسي.
وكشفت المصادر ان رئيس الجمهورية اللبناني قادر على لعب دور كبير وهام في صيانة الاستقرار وتحقيق التوافق بين كل الفئات السياسية والدينية ويكرّس التجربة الفريدة في المنطقة كما في العالم حيث تتواجه التيارات والطوائف من دون ان تكون لدى الحكومات اية تصورات وصيغ لادارة الاختلافات العميقة. وركزت المصادر السياسية المسيحية ان بكركي ومن خلال رسالتها الى الداخل كما الى الخارج، دعت كل القوى الى تجاوز العوائق السياسية وانتخاب الرئيس الذي بات ضرورة تتخطى الحدود اللبنانية المسيحية الى الوطنية، كون البديل عن هذه الانتخابات اي الفراغ بات يشكل خطرا على سيادة لبنان وامنه وسلامته وصولا الى وجوده في المنطقة والعالم. وعزت هذا الخطر الى انهيار المؤسسات الدستورية وتهديد الصيغة اللبنانية، مع ما يعني ذلك من سيناريوهات مستقبلية في حال بات هذا الشغور امرا واقعا وتعود عليه الجميع.
وبالتالي وجدت المصادر ان اصداء قمة بكركي التي ترددت في الاوساط السياسية المسيحية والاسلامية، تناولت الانهيار الخطير للبنان التعايش والرسالة والدور التاريخي، ولفتت الى ان اذا كانت هذه الاصداء اصطدمت بحاجز الاعتبارات الدقيقة لدى كل طرف في فريقي 8 و14 اذار، فانه من المفترض بكل المعنيين على الحفاظ على الاستقرار ومن خلال الحوارات الدائرة والمستمرة، رغم كل التحديات المحيطة بها، ان يتخطوا كل الخلافات والتباينات من اجل انقاذ موقع رئاسة الجمهورية ومن خلاله الجمهورية اللبنانية، ومن اجل الوقوف في وجه رياح الانقسامات الطائفية والمذهبية لان اي اجراءات اخرى محلية او دولية لحماية لبنان لن تصمد طويلا وشبكة الامان الوحيدة والدائمة للاستقرار هي في الانتخابات الرئاسية واعادة الحياة الى المؤسسات الدستورية.