عادة، يتنحّى رؤساء البلديات، خصوصاً أصحاب اللاإنجازات، بصمت. يخرجون ويغلقون الباب والشباك والستائر وراءهم ليستتروا. لكن رئيس بلدية بيروت السابق بلال حمد لا يريد للضوء أن يخفت من حوله، حتى لو كان يضيء على «شواذات» كانت لتطوى مع رحيله، في دولة لا تراقب ولا تحاسب ولا تعاقب
على طريقة التلامذة الأشقياء الذين يرفضون ترك المدرسة من دون ترك خربشاتهم على الطاولات، حفر رئيس بلدية بيروت بلال حمد اسمه بقلم الحبر على باب صالون البلدية وأرفقه بلوحة مُذهّبة تخلّد أكبر إنجاز له خلال ولايته: «تأهيل الصالون في أيار 2016»، تاريخ مغادرته البلدية.
ما سبق ليس من نسج الخيال، وهو موثق بالصور. قبيل ذلك بأسبوعين، كاد حمد يحقق حلمه وحلم راعيه، رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، بإمرار الصفقة ــ الفضيحة التي كان من المفترض أن تكون الأكبر من حيث تكاليفها على ميزانية البلدية. أراد صرف مبلغ 120 مليون دولار الى جيوب ورثة الرئيس رفيق الحريري عبر شراء مجموعة عقارات يملكونها على الرملة البيضاء بمحاذاة الشاطئ العام بسعر 4300 دولار للمتر الواحد، فيما يحظر القانون استخدام العقارات لغير وجهتها الأصلية: شاطئ عام يملكه كل اللبنانيين. جُمّدت الصفقة إثر انكشاف «معاصي» الريّس ورعاته. الا أنه بدل أن «يستتر»، كثّف من إطلالاته الاعلامية مزهواً بما فعل. أما في الاطلالة الأخيرة، يوم الجمعة الماضي، فسعى الى إمساك المجد من أطرافه وتعداد كل «إنجازاته» مرة واحدة. والنتيجة: نحو 20 مشروعاً مماثلاً للرملة البيضاء! واللافت هنا أن بلدية بيروت باتت تشكل نموذجاً مصغراً يحتذى به عن كيفية سير الأعمال في الدولة اللبنانية، إن في الوزارات أو في مجلس الانماء والاعمار حيث يختصر البلد بمجموعة صغيرة من المتعهدين والمقاولين والاستشاريين. واللافت أيضاً أن معظم الريّاس والوزراء والنواب والمديرين العامين وموظفي القطاع العام لديهم من الجرأة ما يكفي للبوح بذلك علناً والتبشير به على أنه عمل يفترض أن يفتخر اللبنانيون به؛ وحمد، طبعاً، لا يشذّ عن تلك القاعدة، بل يتقدّم صفوف هؤلاء، الأمر الذي دفعه الى عقد مؤتمر صحافي عدد فيه أبرز المشاريع التي وصمت عهده:
1 ــــ مشروع شبكة الكاميرات مع غرفتي التحكم وغرفتي خزن معلومات: يُتوقع بدء التشغيل للشبكة قبل نهاية 2016. ما لم يقله حمد أن المشروع كلّف 36 مليون دولار، فيما في بريطانيا مثلاً بلغت كلفة مشروع مماثل بين 7 و10 ملايين استرليني. ووفق دراسات أجرتها شركات لبنانية، تبين أن سعر شراء وتركيب تلك الكاميرات لا يفترض أن يتعدى 6 ملايين دولار، نظراً الى فارق الأسعار بين بيروت ولندن، وعلماً بأن المشروع أقرّ في المرة الاولى بمبلغ 40 مليون دولار قبل أن يستجيب المعنيون لضغوط بعض اعضاء المجلس البلدي بضرورة خفض الكلفة، فتم حسم 10% من السعر الاجمالي. الى جانب ذلك، رصدت البلدية مبلغ 16 مليون دولار من أجل «الفايبر أوبتيكس» وتمّ الاستغناء عنها نتيجة ضغط آخر، فأخذت مديرية الهاتف تنفيذ المشروع على عاتقها، ومجاناً! لتبقى القطبة المخفية في المبلغ الذي ستدفعه البلدية ثمن نقل الاتصالات من الكاميرات الى مركزها أو الى قوى الامن الداخلي التي جهزت مقرين لهذا الغرض: الأول في ثكنة الحلو والثاني في مركز البتروني ــــ شارل الحلو. طبعاً حمد لم يتطرق الى هذه التفاصيل في مؤتمره، مكتفياً بالاعلان عن إنجازه تكبيد البلدية نحو 30 مليون دولار اضافية على مشروع كاميرات المراقبة، و16 مليوناً أخرى كانت لتمر لو لم تُلغَ الصفقة في اللحظة الأخيرة!
2 ــــ المخطط التوجيهي المدني الشامل للحدّ من الكوارث الطبيعية: يقول «الريّس» إن شركة Buro Happold وضعت الدراسات المتوقع إنجازها ربيع 2017. الموضوع الأهم في تلك النقطة أن المشروع ــــ الانجاز نفذ بطلب وتمويل البنك الدولي الذي يرغب في إجراء دراسة حول المخاطر المتأتية من الزلازل في المنطقة كي يضعها في تصرف الدول المانحة التي ترغب الاستثمار في لبنان. أما الغرض من ذكره، فهو على ما يجمع عليه أعضاء البلدية، تذكير المانحين والبنك الدولي والشركة المتعهدة بفضله في إقرار المشروع، وذلك أملاً في الاستحواذ على عدد كبير من المشاريع المتمثلة في ترميم الأبنية التي من الممكن أن تتضرر نتيجة الزلازل. ولا ضير في الضغط على الشركة لإدراج العدد الأكبر من المباني العامة ومضاعفة المكاسب. فحمد، أحد المتعهدين الرئيسيين في هذا المجال، وهو المتعهد الخاص بمشروع تدعيم قصر العدل لتحويله الى مبنى مطابق لمواصفات الأبنية المقاومة للزلازل.
3 ـــ خلال ذكر رئيس بلدية بيروت (السابق) للملعب البلدي في الطريق الجديدة (مشروع إقامة مواقف سيارات بدلاً من الملعب)، نسي أو تغاضى عن الاعلان أن شركة «لاسيكو» التي كُلّفت بوضع الدراسات الهندسية له، يفترض بعد حين أن ترفع لوحة لا على صالون البلدية بل على مدخل مدينة بيروت ترحب فيها بالقادمين الى مدينة «لاسيكو». فالشركة التي يملكها النائب السابق في تيار المستقبل سليم دياب هي الاستشاري المفضل لدى حمد ومجلس الانماء والاعمار، ودياب هو أحد المستشارين الرئيسيين للحريري. و»لاسيكو» أيضاً عضو مجلس إدارة في CONSOLIDATED DEVELOPPERS LEBANON HOLDING الأشبه بالتجمع الضخم لكل المؤسسات التي تدور في الفلك الحريري. أما أبرز المشاريع التي نفذتها أو تنفذها، فمشروع الـ Eden Rock، المملوك من وسام عاشور، والتي يريد عبرها تشييد مشروع سياحي ضخم ملاصق للشاطئ العام في الرملة البيضاء. كذلك أشرفت الشركة طوال السنوات العشر الماضية على مراقبة تنفيذ شركة سوكلين لشروط تعاقد الدولة اللبنانية معها مقابل مبالغ مالية طائلة، قبل أن يتبين أن «سوكلين» تخالف بنود العقد: تعهدت بإنشاء معامل فرز وبدء فرز النفايات ولم تفعل، غير أنها تتقاضى أجرة ذلك على مرأى ومعرفة تامة من الشركة المراقبة، أي «لاسيكو». ورغم تعمدها التغاضي عن فضيحة سوكلين التي صادرت الدولة لأجلِها أموال البلديات، لم يتردد حمد في تلزيمها المشروع وبالتراضي! فيما الخوف الأكبر اليوم من أن يجري تلزيم مشروع الملعب البلدي الى «لاسيكو» أيضاً عند انتهاء الدراسات على طريقة الـB.O.T.
4 ــــ الملعب البلدي الجديد في منطقة قصقص: والمشروع لُزِّم بالتراضي الى شركة «لاسيكو» أيضاً.
5 ــــ الانجاز الخامس ليس مدعاة افتخار سوى في كتاب حمد: إعادة افتتاح المسلخ المؤقت بعد بضعة أسابيع. والمسلخ الذي يتحدث عنه حمد في منطقة الكرنتينا هو ذاته الذي أقفله وزير الصحة لعدم مطابقته المعايير الصحية والبيئية، فضلاً عن كون موقعه غير مناسب.
6 ــــ سوق الخضر والفاكهة بالمفرق في أرض جلول. المشروع الأخير بحسب أكثر من عضو بلدية رافق حمد في ولايته، «سيتألف من 350 قسماً، وهو تنفيعة مجانية أو شبه مجانية لأعضاء النقابة الثلاثمئة و50 آخرين يحدّدهم الريّس». وعقارات أرض جلول هي جزء من العقارات التي اشترتها البلدية بنحو 214 مليون دولار في الشويفات وراس بيروت والغبيري والمزرعة والأشرفية، حيث جرى إرضاء مختلف الطوائف عبر تسييل أراضيهم، لأن آل الحريري أرادوا بيع عقاراتهم في الشويفات.
7 ــــ ميدان سباق الخيل: قرر المجلس تكليف شركة «دار الهندسة – شاعر ومشاركوه» بإعداد الدراسات الهندسية لتنفيذ مشروع كبير يتضمن مسرحاً ونادي غولف ونادي فروسية ومتنزهاً للعائلات. وللعلم، دار الهندسة كـ»لاسيكو»، واحدة من الشركات التي تفوز بغالبية مشاريع البلدية بالتراضي من دون إيضاح سبب عدم إجراء مناقصات. وللعلم أيضاً، فإن حمد لم يوافق على تنفيذ استشارات المشروع سوى في أيامه الأخيرة رغم عرض النائب ميشال فرعون الاستشارات اللازمة منذ نحو 6 سنوات. وهناك من يقول إن لعبة المجلس البلدي والتلزيم بالتراضي ليسا سوى العدة الضرورية لإصدار نتائج الاستشارات كما يريدون، وبالتالي إمساك فرعون من الخاصرة التي توجعه ربما 6 سنوات أخرى.
8 ــــ على قاعدة «ما في بالميدان إلا لاسيكو ودار الهندسة»، أعلن حمد ببسمة عريضة إنجازه الثامن: تكليف شركتي سليم دياب (لاسيكو) ودار الهندسة إجراء مسح هندسي للأبنية القديمة في بيروت. لا داعي للتكرار، بالتراضي أيضاً وأيضاً. الملف الذي يقدر بملايين الدولارات صار في عهدة المحافظ لإعداد العقود. للمشروع بداية من دون نهاية، إذ ستتم معالجة المباني «على الحبّة» بحسب مصادر البلدية، لأن لا دراسة جدّية حول هذه المباني، وهي غير ممسوحة وغير محصاة. وبالتالي عدد المباني غير محدد، وستعمد الشركتان الى تسجيلها واحداً تلو الآخر، وهو ما يفتح المجال أمامها لتسجيل أعداد لامتناهية من دون حسيب أو رقيب.
9 ــــ يحبّ حمد المساحات الخضراء ويجهد لحمايتها، لذلك منع أولاً اللبنانيين من دخول حرج بيروت، وها هو اليوم يخصص مساحة 2000 متر داخله لإنشاء «المستشفى الميداني العسكري المصري». وحتى لا يتم رصد مكانه، ذكر خلال المؤتمر أن موقعه مقابل جامع الخاشقجي. يفتخر حمد اليوم بتشويه المحمية الطبيعية والمنطقة الخضراء الوحيدة في بيروت من أجل مشروع مصري لا جدوى منه، في ظل وجود مستشفى حكومي لبناني في بيروت!
10 ــــ فضيحة أخرى تضاف الى مشاريع حمد، هي تكليف المجلس البلدي البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة وضع دراسات الجدوى ودفاتر الشروط لتلزيم معالجة نفايات بيروت لتحرير المدينة من الاعتماد على الحكومة أو على مطامر خارج بيروت. فالبرنامج الانمائي للأمم المتحدة هو نفسه الذي كلف وضع دراسات في صيدا خلصت الى طمر النفايات في البحر. وربما شجع هذا الأمر بلدية بيروت على إعادة استنساخ التجربة في العاصمة وبرج حمود، في حين تجاهلت البلدية عرضاً مقدماً من شركة خاصة لإقامة معمل على حساب الشركة لمعالجة النفايات بأحدث التقنيات، حيث يكون الدفع على الطن كما في صيدا، علماً بأن المجلس البلدي برئاسة حمد أقرّ مبلغ 30 مليون دولار لمصلحة هيئة الاغاثة «للمساعدة في حل أزمة النفايات» وفقاً للقرار 174 تاريخ 23/3/2016 من دون أن يُعرف كيف تنوي الهيئة توزيع هذا المبلغ وما علاقتها بأزمة النفايات أساساً! ما سبق يطرح علامة استفهام حول هدر بلدية بيروت ملايين الدولارات على موضوع النفايات، رغم تكليف مجلس الوزراء بتاريخ 12/3/2016 وزيري الداخلية والمالية اعداد مشروع قانون حوافز للبلديات التي ستستقبل النفايات بقيمة 40 مليون دولار لهذه السنة فقط موزعة على الشكل الآتي: 8 ملايين دولار لكل من برج حمود، الجديدة ــــ البوشرية ــــ السد، الشويفات، برج البراجنة، المنطقة الخدماتية الثانية الشوف وعاليه. وستدفع هذه الحوافز من حساب البلديات المستفيدة من الصندوق البلدي المستقل، اضافة الى تخصيص مجلس الوزراء 50 مليون دولار لتغطية مشاريع انمائية في البلدات المحيطة بكل مطمر من المطامر الثلاثة لمدة 4 أعوام.
11 ــــ المشروع الأبرز في سجلات حمد لهذا العام: مدّ خط تصريف المياه المبتذلة في رأس بيروت داخل البحر! طبعاً لم يفكر الريّس السابق في إنشاء محطات تكرير صغيرة على الشاطئ، فذلك لا يشبه طريقة عمله أبداً.
12 ــــ في المبدأ يستحي غالبية الريّاس من ذكر تأهيل البنى التحتية لشوارع بلداتهم باعتبار أنه «تحصيل حاصل» وأقل ما يمكن للبلدية أن تنجزه… إلا حمد. فالأخير يبلغ سكان العاصمة تأهيل البنى التحتية ورفع الأرصفة في منطقة رأس النبع ويريد للبيروتيين أن يصفّقوا له.
يفتخر حمد بتشويه المنطقة الخضراء الوحيدة من أجل مشروع مصري لا جدوى منه
13 ــــ بعد إنجاز حدائق رينيه معوض وكرم العريس ووليم حاوي والمرأة المقاومة والوردية، تستمر أعمال تأهيل حديقة الكرنتينا. كذلك أنجز المجلس دراسات حديقة السيوفي وحديقة الرملة البيضاء، ويُتوقع تلزيم المجلس الجديد أعمال التنفيذ. أيضاً يستكمل مجلس الإنماء والإعمار دراسات حديقة المفتي الشهيد حسن خالد التي تشمل مواقف للسيارات تحتها. ما لم يقله حمد أن كل الحدائق نفذت عبر منح من جهات خاصة، أكان من الجامعة اليسوعية أم غيرها، ولا فضل له أو لمجلسه في ذلك!
14 ــــ مرة أخرى، تحضر دار الهندسة في كلام الدكتور حمد. فالشركة أنهت دراسة شاملة لتغيير اللوحات الإرشادية والتوجيهية في شوارع المدينة منذ نحو عام، وتعمل السلطة التنفيذية في البلدية منذ ذلك الوقت على إعداد ملف مناقصة تنفيذ الأعمال. يجدر باللبنانيين أن ينظموا احتفالات ألف ليلة وليلة، فالعاصمة ستحظى بإشارات سير ولوحات إرشادية جديدة بعد وقت غير محدد. والفضل لبلال حمد طبعاً…
15 ــــ في هذه النقطة «يعلّم» حمد على المجلس البلدي الجديد، آملا منه متابعة ملف تلزيم شركة TEAM وضع الدراسات وملفات التلزيم لخطة النقل العام لمدينة بيروت الذي لا يزال متعثراً في ديوان المحاسبة. لا يهم إن كان الموضوع يُتابع من قبل النائب محمد قباني ويفترض أن يكون ضمن الخطة التي تقوم بها وزارة النقل. فالتحية توجّه حصراً إلى الدكتور بلال.
16 ــــ تكليف المجلس منذ نحو عام الاستشاري Sitram-Debc إعداد الدراسات التنفيذية لمشروع التنقل السلس بين حرج بيروت والوسط التجاري. يفوت حمد إبلاغ اللبنانيين أن هذا المشروع أعدّته منطقة «Île de France» الفرنسية (المقاطعة التي تقع فيها العاصمة باريس) منذ 10 سنوات، لزيادة مساحة الأرصفة وزرع الأشجار وتأمين الانارة، لسبب وحيد أن غالبية المصالح الفرنسية في بيروت، من السفارة الى الطبية الى غيرها تقع في تلك المنطقة.
17 ــ يقول حمد إنه بعد شراء ثلاثة عقارات في الحمرا وكورنيش المزرعة والاشرفية بغية إقامة مباني مواقف سيارات، كلف المجلس مجلس الإنماء والإعمار وضع الدراسات الهندسية ودراسات الجدوى المالية ودفاتر التلزيم لتنفيذ هذه المشاريع بطريقة B.O.T. وكلف المجلس البلدي المحافظ تشغيل هذه المواقف مؤقتاً بانتظار انتهاء الدراسات وأعمال التنفيذ. تجدر الاشارة هنا الى أن الاستشارات لُزّمت لشركتي «لاسيكو» ودار الهندسة، فضلاً عن أنه جرى التداول سابقاً بالعقارات الثلاثة من باب إدانة حمد الذي عمد الى شرائها بقيمة تفوق قيمتها الأصلية. من جهة أخرى، لم يفسر حمد لماذا يريد تنفيذ المشاريع بطريقة B.O.T أي تولّي الشركتين تشغيل هذه المشاريع وإدارتها بعد تنفيذها، إلى أن تسترد قيمة ما دفعته للتنفيذ، طبعاً مع الفوائد والأرباح.
بعد هذا العرض للمشاريع ــــ الفضائح، خصّص الدكتور حمد القسم الثاني من المؤتمر الصحافي لعرض مشروعين وُضعا على سكة التنفيذ لأهميتهما القصوى: الأول هو تطوير وتحديث شبكة الإنارة العامة في مدينة بيروت حيث قرر المجلس تكليف شركة ASTRA اللبنانية القيام بأعمال التنفيذ. وكان حمد قد طرح هذا المشروع على المجلس البلدي من خارج جدول الأعمال، وتم إقراره بمدة لا تتعدى 5 دقائق، والأهم أنه عمد الى تكليف ASTRA بالتراضي، مسقطاً ضرورة إجراء مناقصة للحصول على العرض الأوفر والأفضل. أما المشروع الثاني فهو إنشاء المختبر المركزي لسلامة الغذاء في بلدية بيروت، حيث قرر المجلس تكليف «الجمعية اللبنانية للتنمية العلمية» إنشاء هذا المختبر وتشغيله في الطابق الأول لسنتر المقاصد. أيضاً حرص حمد على إقراره بالتراضي، من دون إطلاع المجلس على دراسات الجدوى والسعر.
كان يمكن لرئيس بلدية بيروت السابق بلال حمد أن يتجاهل ما سبق كله وينهي عهده بأقل «القبائح» الممكنة، ولكنه آثر ترك حساباته مفتوحة مع المتعهدين والمقاولين والاستشاريين حتى لا يضيع ربح وراءه عقود بالتراضي ومخالفات بلدية من كل الأشكال والألوان. ما سبق سيمثّل انطلاقة استثنائية للمجلس البلدي الحالي برئاسة مدير عام سوليدير جمال عيتاني، فالأخير خير خلف لخير سلف. و»الفاقة» الحريرية تبشّر بإنجازات تفوق إنجازات عهد حمد، خصوصاً أن الانتخابات النيابية على الأبواب.