على رغم أن الأنظار كانت مشدودة في بحر الأسبوع إلى مفاوضات الدوحة بين الوسطاء وكل من “إسرائيل” وحركة حماس، إلا أن الساحة الداخلية كانت تشهد زحمة موفدين غربيين وعرب، كان آخرهم وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الذي وصل بعد وزير الخارجية الفرنسي والموفد الأميركي آموس هوكشتاين. وقد اعتبرت هذه الزحمة بمثابة تمرير للوقت، وفق النائب المعارض الدكتور بلال حشيمي الذي يؤكد لـ “الديار”، أن “الهجمة الديبلوماسية هي رسائل تفيد بأن العمل الدولي مستمر للحؤول دون تمدد الحرب في المنطقة، وذلك بتوجيه من واشنطن لتحقيق تقدم في استحقاقها الرئاسي الداخلي، وخصوصاً أن هوكشتاين لم يحمل أي جديد، باستثناء تأكيده على انتخاب رئيس الجمهورية في المرحلة المقبلة وتطبيق القرار 1701. ولكن الإيجابية التي تحقّقت تتمثل في بروز مؤشرات على إمكان الوصول إلى حلول، من شأنها التخفيف من معاناة أهلنا في جنوب لبنان وتحقيق التهدئة”.
وعن حراك القوى المعارضة من ضمن هذا السياق، يكشف أن “تحرّك المعارضة يسعى إلى التذكير بأولوية انتخاب رئيس الجمهورية وبمعارضتها للحرب، ولكن بالنسبة للنتائج المحقّقة إلى اليوم، فإنه لا يمكن البقاء من دون أي تحرك أو موقف وكلام من قبل المعارضة، تجاه ما يحصل في البلد من أزمات ومواجهات وحرب في الجنوب”.
وعن الملف الرئاسي، لا يخفي بأنها “الرئاسة مؤجلة إلى ما بعد نهاية الحرب في الجنوب وغزة”، معتبراً أنه “لا يمكن تجاهل الحرب في جنوب لبنان والوضع العام في البلد، حتى أن الأميركيين اقتنعوا أنه لا يمكن للمسار اللبناني أن يستمر بمعزل عن مسار غزة”.
وبالنسبة لتأثير نتيجة حرب غزة أو حرب الجنوب على الرئاسة، يقول إن “نتيجة هذه الحرب لن تؤثر، لأنه لو كانت ستؤثر لكنا مشينا بقرار وخيار الثنائي أو حزب الله الرئاسي، بل على العكس فإن المعارضة ما زالت متماسكة وتدعو لانتخاب رئيس للجمهورية، يكون قادراً أن يقوم بدور فاعل في اعادة انتظام الدولة، وفي تمتين العلاقات بين لبنان والدول العربية”.
وعن المشهد الحالي وخصوصاً على مستوى الحرب يرى أن “الأمور تعتمد على الوقت الذي بات العنصر الأبرز، الذي يحكم المعادلات في لبنان والمنطقة، فواشنطن تعتمد على الوقت لحل الأزمات، وحزب الله يعتمد أيضاً على الوقت من أجل تحقيق أهدافه، فالأميركي يستعين بالوقت للحؤول دون أي حرب أو فوضى تؤثر في الانتخابات الرئاسية الأميركية وفي مرشحة الحزب الديموقراطي كامالا هاريس”.
وحول المفاوضات في القاهرة بعد قطر، يشير بأن الواقع “يوحي بأنهم يعالجون الأزمة ويحاولون وقف الحرب في غزة ولكن المسألة تتطلب بعض الوقت، ولذلك فإن هذه العملية تستمر إلى ما بعد الانتخابات الأميركية”.
وإزاء الإيجابيات من وراء هذا الانتظار، يقول إن “كل طرف يسعى وراء مصالحه الخاصة، ولكن الإيجابية التي أراها مقبولة هي بإعلان الموافقة على تجنيد 1500 عنصر جديد في الجيش من أصل 6000 ، وهو بمثابة الإستعداد للحل الجزئي في لبنان في سياق الحل في المنطقة وفي الجنوب. علماً أن هذه الخطوة لن تحصل من دون موافقة حزب الله، لأنه منذ 2006 كان من المفروض أن ينتشر الجيش في كل الجنوب ولكن حصل دخول جزئي بسيط، واعتقد أن موافقة حزب الله اليوم على هذا الموضوع، قد سمحت بالسير بالعملية”.
ويشير الى إن “الحزب يدرك أن الدخول في حرب مع “إسرائيل” في الوقت الحاضر، يدل على أن التوازن مختلف لأن نتنياهو لا يرحم أحداً، وما من طرف قادر على تهدئته أو التأثير فيه، وحتى انه في موضوع وقف النار لم تنجح أي دولة في إقناعه بوقف النار، وكذلك الأمر بالنسبة للمفاوضات الجارية حول اتفاق وقف الحرب في غزة . لذلك فإن إيران تعي هذا الواقع وأيضاً الحزب يعي ذلك، لأن نتنياهو مرتاح على وضعه وحصل على تأييد ودعم من الكونغرس في الولايات المتحدة خلال زيارته الأخيرة، بالإضافة إلى أنه مستمر في حرب الإغتيالات من دون أي رادع. ولذلك يجب الحذر لأن القرار بالحرب لديه، وهو يملك قدرة كبيرة على فتح الحرب، وعلى تكرار تجربة تدميره غزة من دون أن يوقفه أحد”.
ويستنتج حشيمي أن “حزب الله أرسل رسالة من خلال الـ1500 عنصر في الجيش أنه جاهز للإنسحاب، ولكن بالمقابل أخرج إلى العلن قصة عماد 4 لرفع معنويات جمهوره، وليقول لهم إنه ليس ضعيفاً، وكأنه يقيم نوعاً من التوازن بين المسألتين”.