القاع العالقة بين فكي كماشة الحرب السورية والتنظيمات الإرهابية في سلسلتها الشرقية، تجد مكاناً لممارسة الديموقراطية في الانتخابات البلدية والاختيارية المقبلة، بحثاً عن العنوان الاصعب في الجمهورية اللبنانية وهو “الإنماء ومعالجة الإهمال والحرمان” في تلك البلدة الكاثوليكية الأكبر من قرية والأصغر من مدينة، والتي يمكن أن تتحول مدينة مزدهرة لو توافر لها الدعم والنيات الطيبة.
لم تتوصل الاجتماعات والمساعي المتلاحقة بين الحزبين الأكبر في القاع “التيار الوطني الحر” و القوات اللبنانية” الى نتائج ايجابية حتى اليوم، وما تم الاتفاق عليه في سرايا معراب والرابية يحتاج الى الترجمة والتفاهم “على الأرض” في قرايا القاع. ورغم ان الكثير من الصيغ الانتخابية تم تداولها بين كوادر الحزبين لم تتصاعد ملامح الدخان الأبيض من آخر قرية لبنانية قبل الحدود السورية وعلى مسافة بضعة كيلومترات من وحش الإرهاب التكفيري. يتحدث من شاركوا في الاجتماعات عن مشروع لائحة تحالفية على قاعدة 3 – 3 اي ثلاث سنوات رئاسة لأحد الطرفين تليها ثلاث سنوات للطرف الآخر، لكن هذه التسوية لم تبصر النور. قيل ايضاً ان “القوات” طرحت مبادرة للاختيار بين المرشحين سليم عوض وهبة البيطار لتولي رئاسة البلدية الأمر الذي يجنب البلدة معركة انتخابية قاسية، لكن الأمور “مش ماشية”. ويشرح مسؤول هيئة “التيار الوطني الحر” في القاع أنيس الخوري، ان الفريقين عقدا اجتماعات عدة لكنهما لم يتوصلا الى نتيجة بسبب تفاصيل وعقبات لدى كل منهما، وان الموضوع ليس موضوع اشخاص، بل ان “التيار” يميل الى اختيار مرشح محايد لا يكون محسوباً على اي طرف سياسي. في المقابل ترّد أوساط “القوات” في القاع فشل الاتفاق حتى اليوم الى رفض “التيار” التعامل مع المسؤول عن “القوات” بشير مطر لأسباب سياسية، وتشير إلى أن رأي قيادة “التيار” في البلدة يختلف عن رأي القاعدة العونية، وكذلك عن رأي مجموعة “الصقور” العسكرية (التي تتولى حراسة البلدة وغالبيتها من العونيين)، والتي تؤيد التفاهم بين مكونات المجتمع القاعي.
لكن اللقاءات غير المثمرة بين طرفي الثنائية المسيحية لا تمنع العائلات والشخصيات والأحزاب من الاستمرار في مساعيها لتشكيل لوائحها الخاصة او الائتلافية، وفي محصلة مشاريع اللوائح غير النهائية والقابلة للتعديل، لائحتان او ثلاثة للعائلات يترشح لرئاستها سمير عوض، ونقولا مطر، وعبدالله عاد وغيرهم، ومشروع لائحة ثالثة لـ “التيار الوطني” رشح لرئاستها الاستاذ السابق وهبة بيطار، واخرى لحزب “القوات” برئاسة بشير مطر تضم قواتيين و”عونيين” وعائلات، واخرى غير مكتملة برئاسة رئيس البلدية الحالي ميلاد رزق، وهكذا دواليك، ولا شيء يمنع المزيد من مشاريع اللوائح في الديموقراطية القاعية.
ويقول منسق “التيار” أنيس الخوري ان الجميع في القاع يعملون لمصلحة البلدة، وان المحاولات لن تتوقف لتذليل العقبات بين “التيار” و”القوات” والمفاوضات مفتوحة على جميع الاحتمالات، ويشدد على أن الافضل تشكيل لائحة ائتلافية تضم جميع العائلات والأحزاب ورئيس محايد ووسطي، يأخذ في الاعتبار وضع البلدة الحساس ويعمل على معالجة مشكلاتها في الإنماء والمياه وفرص العمل والمواصلات وتعزيز مكانة البلدة وحضورها. في المقابل لا تبدو أوساط “الكوادر القواتيين” بعيدة عن هذا الطرح، مع إصرارها على إدراج موضوع الحفاظ على أراضي القاع وتجذير الأهالي في ارضهم وتنفيذ مشاريع تشجع الأهالي على البقاء في بلدتهم.