الثنائية المسيحيّة: التصويب على التفاهم لتمديد ممارسات تسببت بالخلل وأنهكت المسيحيِّين
من أولويات رئاسية بترتيب زمني صارم: حكومة جامعة.. قانون ميثاقي.. إنتخابات صحيحة
تؤكد الثنائية ثبات التفاهم المسيحي ومهما تعددت الضغوط لا بديل عنه بعد أن تأخر كثيراً
يزداد المشهد السياسي تعقيداً، مع كل توضّح في مواقف الأفرقاء المعنيين بالمسائل العالقة، من مثل تشكيل الحكومة المعلّق -راهناً وظاهراً- على وزارة تيار المردة. لكن وراء أكمة المردة ما وراءها، بدءا وليس إنتهاء بقانون الإنتخاب العتيد ونتائجه المرتقبة على آليات الحكم، ومن ضمنه خصوصاً مآل تحالف الثنائية المسيحية الآخذ في التوسّع سياسياً وشعبياً!
لم يعد خافياً ان الفريق الشيعي (أو فريقاً شيعياً؟) يعتقد أن العهد وحلفاءه يتقصدون تأخير التشكيل الحكومي الى بداية السنة الجديدة، بحيث تضيق المهل امام مناقشة وإقرار قانون جديد للإنتخابات النيابية، فيصبح إذاك قانون العام 1960 المنقّح في نسخة العام 2008، أمراً واقعاً لا فكاك عنه، ويفرض تالياً واقعاً سياسياً جديداً، ربطاً بالتحالفات الحديثة العهد، وخصوصاً المسيحية منها.
وفي تقدير هذا الفريق أن قانون الـ60 سيتيح للثنائية المسيحية حصد ما يقارب الـ 50 مقعداً نيابياً في أقل تقدير، مما يفرض إعادة إنتاج أشكال جديدة في الحكم مغايرة تماماً لما كانت عليه الحال في العقود الثلاثة الفائتة من زمن الطائف، أي كتلة وازنة مؤيدة للعهد ستغيّر في المعادلة المحلية، وربما ستخلّ بالتوازنات التي إستُحدثت على هامش الطائف، وبما تراكم من مكاسب بقوة العُرف والممارسة.
ويستدل هذا الفريق لتثبيت هذه النظرية، بما أعلنه قبل يومين وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي كان شديد الوضوح بتأكيده ان الإنتخابات النيابية جارية وفق قانون العام 1960 «المرفوض من كل الناس لكن كثيراً من القوى يرغب فيه سراً»، مؤكداً جاهزية وزارة الداخلية للانتخابات وفق القانون القائم، أما أي قانون جديد فإنه سيحتاج إلى وقت وتدريب وتجهيز والى تمديد تقني لمجلس النواب، هذا التمديد الذي ترفضه رفضاً قاطعاً عواصم القرار إياها التي سبق أن غطّت بحماسة التمديدين الأخيرين، لكنها حضّت بالحماسة نفسها على إنجاز الانتخابات البلدية والإختيارية كنموذج يُحتذى في تداول السلطة مقدمة للإنتخابات النيابية.
تبدي الثنائية المسيحية، حيال هذه القراءة الشيعية، إستغراباً شديداً لناحية إتهامها بالعمل على تعويم قانون الـ60، وتبدي شكوكاً تجاه بعض الممارسات التي تعطّل الى الآن تشكيل الحكومة. وتلفت الى أنه «في حال صحّ إتهامنا بأننا نسعى الى تأجيل التشكيل الحكومي، فليبادر من بيده الحل والربط والتفويض الى تفشيل مؤامرتنا، من خلال تسهيل التشكيل وإبطال مفاعيل ما زُرع من أفخاخ ومصائد، تمهيداً لصدور مراسيم تشكيل حكومة السبعة اشهر المحددة مهامها حصراً بوضع قانون جديد للانتخاب واجراء الانتخابات النيابية، إلا إذا كان المطلوب الاستمرار بالتمديد للوضع الراهن بتوازناته المصطنعة والمركّبة وفق أحجام فرزها عنوة الطائف السوري، من خلال التمديد مرة ثالثة لمجلس العام 2009».
وتؤكد الثنائية ثبات التفاهم المسيحي، «أنى تعددت الضغوط وتشعّبت، لا بديل عن هذا التفاهم الذي تأخّر كثيراً، لكنه بنضوجه صلّب الموقف وأبطل ممارسات أنهكت المسيحيين وكادت تجعلهم يكفرون ببلدهم».
واذ تلفت الى «المحاولات الدؤوبة لتقييد العهد الرئاسي الجديد، تارة بالتصويب على إستراتيجيته للسياسة الخارجية وعلاقات لبنان الدولية، وطوراً بتحديد أطر العلاقة مع الاطراف الداخلية، كل ذلك بغية محاولة تبديد الزخم الذي نتج من إنتخاب الرئيس وخصوصاً على مستوى تثبيت الميثاقية السياسية»، تتحدث عن «حرص على تشكيل حكومة تمثل الجميع، وفق أحكام الدستور والأصول الديموقراطية والميثاقية، ومنها احترام مرجعية التوزير عند المسيحيين كما تحترم عند سائر الطوائف، إذ من غير الجائز الإستمرار في ممارسات جائرة غير دستورية ولا ميثاقية تفتئت الحقوق وتهشّم المساواة التي يكفلها الدستور».
وتعتبر الثنائية أن مواصلة التصويب على التفاهم المسيحي «ما هو إلا شكل من أشكال الرغبة في تمديد ممارسات سابقة غير صحية جرى إنتاجها على هامش الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، وتسببت بخلل ميثاقي عميق وتهميش مكوّن لبناني وازن».
وتشدد على أولويات رئاسية ثلاث بترتيب زمني صارم: حكومة جامعة وفاعلة، قانون انتخاب ميثاقي، انتخابات نيابية تعيد تصحيح ما فسُد من تمثيل.