إرتياح مشترك الى مسار التفاهم .. وخوض غمار الشارع يُدرس بعناية
«الثنائية المسيحية» لن تتردد في الجهر باللامركزية السياسية الموسعة في مواجهة «التهميش»
تحالف عون – جعجع حرّر أقضية جبيل وكسروان والمتن الجنوبي وجزين وعكار وبعض البقاع والشوف من الصوت المسلم المرجّح
أفرز الكباش المستمر في الملف الرئاسي بين مختلف القوى السياسية، حليفة ومتخاصمة، حقيقة أن الوقائع السياسية لا تحتمل «ترف» انتخاب رئيس في المدى المنظور. وما يعزز هذه القناعة التطورات السريعة السياسية والعسكرية على المسار السوري، والتي تشي بأن راسمي الحلول للاقليم لن يقدموا على بلورة حل لبناني قبل انهاء الازمة السورية، وفق التصور الذي تعمل عليه موسكو وواشنطن، في فيينا وجنيف وخارجهما.
تتيح مساحة الستاتيكو هذه للافرقاء المحليين إلتقاط أنفاسهم للتحضير لجولة جديدة من الكباش، تريده، هذه المرة، القوتان المسيحييتان الغالبتان ذات مغزى. لهذه الغاية، تنشط الاتصالات بين الرابية ومعراب لبلورة رؤية مشتركة للحراك الذي تضغط قيادة «التيار الوطني الحر» لحصوله قريبا، وضمن جدول زمني لا يتخطى الاسابيع القليلة المقبلة.
بات الخطاب المسيحي واضحا، بعدما اسهم التفاهم بين الحزبين الاكبرين في حشد قواعدهما في اتجاه العنوان الرئاسي، وفي تحجيم ظاهرة المستقلين التي باتت تتهالك شيئا فشيئا في الآونة الاخيرة.
ووقعت القواعد الحزبية على مساحة خطابية – سياسية مشتركة. فهي ترفض استمرار تجاهل إرادة غالبة لدى المسيحيين بإختيار رئيس قوي للجمهورية يحظى بأوسع غطاء ممكن سياسي ونيابي وشعبي. وهي في الوقت عينه لا تتردد في الجهر بخيارات مؤلمة وجذرية، كالمؤتمر التأسيسي واللامركزية الموسعة السياسية والادارية، وربما الفديرالية، في حال استمر الشركاء في اختزال الإرادة الجامعة وإعتماد الذمية السياسية، العبارة التي أخرجت رئيس مجلس النواب نبيه بري من طوره وجعلته يهدد بالركون الى السلاح كخيار مواجهة لما سماه تقسيما.
يشي الهجوم الاخير لبري، الذي مهّدت له المواجهة الحادة بين وزير المال علي حسن خليل ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، ان بري راغب في قطع العلاقة نهائيا مع العماد ميشال عون، ربما لكي يتخفّف من أي إحراج مع «حزب الله» في ما خصّ العلاقة بحليف الحليف، واستطرادا الاستحقاق الرئاسي، ولإدراكه في الوقت عينه ان اي حراك مسيحي في الشارع، كذلك الذي تتدارسه راهنا وبجدية قيادتا «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية»، سيشكل ورقة ضاغطة على الشريك المسلم، سنيا كان أم شيعيا. فعنوان الحقوق المسيحية أكثر من جاذب ولا شك انه سيسري مسيحيا كالنار في الهشيم. وهذا الخيار سيأخذ الازمة الى مكامن اخرى أكثر تعقيدا، خصوصا متى إقترن بضرورة فرض قانون إنتخاب يصحح التمثيل، وهو الامر الذي لا تزال غالبية القوى السياسية والحزبية المسلمة ترفضه، لأن من شأنه ان يعيد خلط التوازنات الانتخابية- عدديا وسياسيا- ويفرز حقيقة جديدة تتخطى واقعا عمره من عمر الطائف، وتعمل القوى التي أفرزها هذا الاتفاق على إستدامته قدر الإمكان.
في هذا السياق، تدرك قيادتا «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» ان إدامة الازمة الرئاسية أسهمت في تحول هذا الامر ورقة ضاغطة على الفريق المسلم، اذ كلّما توغل الفراغ كلّما زادت مخاوف هذا الفريق من أن يصير المؤتمر التأسيسي او اللامركزية الموسعة السياسية والادارية او الفديرالية، أحد الحلول الممكنة التي يمكن الركون اليها للخروج من الازمة. أما اللجوء الى الشارع بقصد هزّ الستاتيكو الراهن فقد يشكل في نهاية المطاف دعوة مفتوحة وصريحة لعواصم القرار كي تسارع الى التدخل لايجاد حل يعيد الاستقرار الى حده الادنى، تماما كما أحدثت استقالة الرئيس نجيب ميقاتي هزة دفعت هذه العواصم الى رعاية إنتاج حكومة الرئيس تمام سلام.
ويقدّم قياديون مسيحيون في التيار والقوات رواية مشتركة لمفاعيل التفاهم المسيحي، فيبرزون «ارتياحا لمسار تطوّر العلاقة بين الثنائية المسيحية الناشئة والتي فرضت واقعا سياسيا وصل الى حد إعلان رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع ااتفاق على حلف بلدي – إختياري يخوض على اساسه بلوائح مشتركة مع التيار الوطني الحر غمار الانتخابات المقبلة».
ويرى هؤلاء ان «هذا التحالف، لا شك، أدى الى «تحرير» اقضية جبيل وكسروان والمتن الجنوبي وجزين وعكار وبعض البقاع والشوف وعاليه من الصوت المسلم المرجح، ومنح الناخب المسيحي حقه في اختيار ممثليه، خصوصا بعدما اثبت هذا التحالف جدواه في فرض قانون استعادة الجنسية، وفي الضغط على الشريك لإنتاج قانون انتخابات عادل وجعل هذا الخيار في اولوية اعمال الهيئة العامة في مجلس النواب، والاهم في منع الحليف الاول للرئيس السوري بشار الاسد من تبوؤ رئاسة الجمهورية، وكذلك في إبطال صفقة النفط والغاز التي كانت جزءا من صفقة الرئاسة، لا بل المحرك لها والذي أعطاها الزخم الأولي الباريسي».