Site icon IMLebanon

الثنائية المسيحية أين أضرت بـ«الجنرال» وأين نفعت؟

خشية من «رئيس ظل» اسمه جعجع.. ومن «بلوك حكومي»

الثنائية المسيحية أين أضرت بـ«الجنرال» وأين نفعت؟

خلال زيارات ملحم رياشي الأولى الى الرابية موفداً من معراب، بحثاً عن قواسم مشتركة تردم هوّة سنوات الاقتتال والخلاف الطويلة، كان الاعتقاد السائد أنّ وقوف سمير جعجع الى جانب ميشال عون بترشح الأخير للرئاسة، هو من سابع المستحيلات لألف سبب.. وسبب.

لم تولد «المعجزة المارونية» إلا عندما استشعر ميشال عون وسمير جعجع أن سليمان فرنجية بات قاب قوسين أو أدنى من قصر بعبدا، تنقصه خطوة واحدة ويجلس على الكرسي المخملي.. «عندها أصبحت الانعطافة القواتية حاجة وضرورة، فصار المستحيل حقيقة» وفق رؤية نقدية يقدمها متحفظون على مسار العلاقة بين معراب والرابية.

وفق هؤلاء، لا يزال «الشيك الرئاسي» الذي وضعه جعجع أمام خصمه التاريخي، بلا رصيد. لا بل يذهب أحدهم الى القول ممازحاً إنّ دعم «القوات» سيحمل «الجنرال» الى تقاطع الحازمية، من دون أن يوصله الى بعبدا. ما يعني أنّ استعداده للتصويت لمصلحته في الجلسة المؤجلة منذ أكثر من سنتين، سيبقى حبراً على ورق. وما التقاء الأضداد عند خط وسطي إلا من باب السعي لإلغاء الآخرين وإقفال بيوتاتهم السياسية، حتى يصبح جعجع هو «الأقوى ميثاقيا»… من بعد ميشال عون!

بهذ المعنى، يتحدث هؤلاء عن نصيحة بالتروي قدّمها جعجع لسعد الحريري حين استقبله في معراب مؤخرا، مخافة أن تؤدي تنازلاته الرئاسية لمصلحة «الجنرال» الى تغذية الواقع المتطرف في البيئة السنية، فيما قال آخرون إن جعجع مضطر للتفاهم رئاسيا مع عون لكن معطيات الحريري مختلفة.

هذه «الرؤية السلبية» يعتبرها «الثنائي المسيحي» محاولة للاصطياد في الماء العكر بين «القوات» و «التيار»، لأن «ما فعلته ورقة النيات من تأثيرات وتغييرات في قواعد اللعبة الداخلية، من شأنه أن يجذب الكثير من المتضررين».

عملياً، ما كان الحريري، وفق الثنائي المسيحي، ليفكّر بسيناريو ترئيس «الجنرال»، لولا النافذة التي فتحتها «القوات» له، وقد سبق لرئيس «تيار المستقبل» أن تحجج بالممانعة المسيحية في خندق «قوى 14 آذار» لكي يقطع حبل المفاوضات مع «الجنرال» في نسختها الأولى.

أكثر من ذلك، يجزم أهل «الثنائي الماروني» أنّ جعجع نصح الحريري بالتمسك بسياسة الانفتاح على «الجنرال» وعقد تفاهم منطقي لا يحرجه ولا يحرج ميشال عون لكي يكون مقبولاً من كل القوى السياسية.

المسألة، بنظر هذا الفريق، هي أبعد من حجر دعم قدمه جعجع لـ «الجنرال»، وتتصل بالحسابات التي راح كل فريق يعيد النظر فيها بعدما أثبت جعجع أنه لا يناور في الوقوف الى جانب عون في رحلته الرئاسية، ومن يرد اختباره فليتفضل الى ساحة النجمة وعندها تنكشف النيات الفعلية».

يقول هؤلاء إنّ الخشية لم تعد من وصول رئيس أكبر كتلة نيابية مسيحية الى سدّة الرئاسة، كما كان يهوّل البعض، بل من تأثير العلاقة المتينة بين «التيار الحر» و «القوات» ومدى قدرتها على تغيير قواعد اللعبة القائمة منذ بداية التسعينيات حتى يومنا هذا.

بنظرهم، أن يصل ميشال عون الى كرسي بعبدا من دون تفاهم قوي مع «القوات» شيء، وأن يصلها على صهوة «إعلان نيات» أثبت قدرته على الصمود، شيء آخر.

يكفي أن يكرّس هذا التفاهم مفهوم الميثاقية في تركيب الحكومة، فيسمي الحليفان الجديدان معظم الوزراء المسيحيين، كي يقطعا الطريق على الأعراف التي كرّستها القوى المسلمة في تسمية وزراء مسيحيين ربطاً بقدرتهم على الإتيان بنواب مسيحيين هم بمثابة «ودائع» في كتلهم النيابية، ويوقفا مسيرة الاستئثار بالسلطة السائدة منذ قيام «الطائف».

يعتبرون أنّ هذه الثنائية أعادت شدّ العصب المسيحي، وسيكون لها «بلوك وزاري» قوي لا يستهان به قادر على الإمساك بزمام السلطة التنفيذية بمجرد تحالفها مع أي فريق ثالث، ما يعني استعادة صلاحيات رئيس الجمهورية، بالممارسة ومن دون الحاجة الى تعديل النص!

هكذا، يرى هؤلاء أنّ تلاقي عون وجعجع أثبت متانته بدليل العروض التي وضعت على طاولة ميشال عون، كما يقول هؤلاء، والتي قيل إنها سعت الى فكّ هذا التحالف مقابل تخلي «قوى 8 آذار» عن دعمها لترشيح فرنجية.

ويعتبرون أنّ الخوف من تحوّل جعجع الى «رئيس ظل» قد يكون واحداً من بنود مخفية يضعها الجميع في حساباتهم الرئاسية المستجدة.