إذا كان الحوار الثنائي بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» لم يحقق الكثير من الإنجازات بعد 25 جلسة، إلا أنه استطاع أن يخفف من التوترات السياسية والمناطقية ويرخي أجواء من التهدئة انعكست إيجاباً على صعيد الشارع، بالرغم من استمرار أجواء التشنج السياسي التي تخيّم على البلد بأسره، وهذا ما يدفع رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري إلى التمسك باستمرار هذا الحوار، لأن لا بديل منه في هذه الظروف، وإن شهدت العلاقات بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» في الفترة الأخيرة حالة تصعيد سياسي حادة، على خلفية التطورات الإقليمية، سيما في ضوء استمرار «حزب الله» في حملته على المملكة العربية السعودية والدول الخليجية.
وكشفت لـ«اللواء» أوساط مشاركة في جلسات حوار الفريقين، أن الجلسة الأخيرة التي التأمت مكتملة الحضور، كانت إيجابية وجرى بحث في عدد من الملفات المطروحة على جدول الأعمال، لكن التركيز كان على أهمية تعزيز الاستقرار الأمني والتخفيف قدر المستطاع من التوتر السياسي والاحتقان الطائفي وتوفير الدعم للجيش والقوى الأمنية، للقيام بكامل دورها على طول مساحة البلد لتوفير الأمن للمواطنين، مشيرة إلى أن وفد «تيار المستقبل»، طالب بضرورة تجنب اتخاذ مواقف تصعيدية لا تخدم الاستقرار وكذلك الأمر إلى تسهيل إجراء الانتخابات الرئاسية، بالنزول إلى جلسة الانتخابات المقررة في 23 الجاري، لكي تأخذ اللعبة الديموقراطية مجراها ويُصار إلى انتخاب الرئيس العتيد الذي يحظى بالأصوات المطلوبة للفوز.
وتشير الأوساط إلى أنه جرى التطرق إلى تطورات الأوضاع في المنطقة، في ضوء القرار الروسي بالانسحاب العسكري من سوريا، حيث كانت لكل طرف وجهة نظره المختلفة من هذا الملف، مؤكدة أنه حصل توافق في الجلسة على اعتبار التمديد لمجلس النواب شرعياً، في رد على النائب ميشال عون الذي يكتنف موقفه من مجلس النواب الكثير من الغموض، وغالباً ما يكون حكمه على التمديد الذي حصل مرتبطاً بمصالحه السياسية، وبالتالي إذا كان النائب عون يعتبر أن التمديد الذي حصل للمجلس النيابي غير قانوني وغير شرعي، فلماذا لا يستقيل هو ونوابه، ليكون منسجماً مع نفسه أكثر؟
ولم تلمس الأوساط تغييراً في مواقف «حزب الله» من تطورات الأوضاع السورية، بعد قرار الانسحاب الروسي، لجهة إمكانية عودة «حزب الله» إلى لبنان، بحيث أن مواقف ممثلي الحزب لم تلحظ تغييراً أو تبديلاً، سيما وأن هدف التدخل العسكري في سوريا، كان الدفاع عن نظام بشار الأسد وحمايته من السقوط الذي كان حتمياً لولاً الدعم الإيراني والروسي، وبالتالي فإن الانسحاب الروسي الذي حصل، ربما يدفع «حزب الله» إلى التمسك أكثر من أي وقت مضى، بالبقاء في سوريا للاستمرار في حماية النظام ورئيسه، في ظل غياب معالم الحل السياسي واستمرار سيطرة المعارضة والقوى المتطرفة على مساحات واسعة من الأراضي السورية.
كذلك الأمر، أثار وفد «حزب الله» موضوع فضيحة الإنترنت، عارضاً لمخاطرها الأمنية، وطالب بكشف تفاصيلها كاملة وتوقيف جميع المتورطين فيها، في حين كان إجماع من المشاركين على ضرورة متابعة ملفات الفساد وتفعيل هيئات الرقابة، لتلعب دورها في ترسيخ دعائم دولة القانون والمؤسسات.
كما كان حرص على دعم الحكومة وعدم التفريط بها، في ظل الظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان، في ظل غياب رئيس للجمهورية، خاصةً وأن تعطل عمل الحكومة أو استقالتها، لن يكونا في مصلحة أي فريق داخلي، ما يجعل استمرار الحكومة في عملها مطلباً واحداً لدى جميع المكونات السياسية، ريثما تنضج الظروف الملائمة لانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.