توافق على عزل الخلافات الداخلية لضمان تحصينه واستمراره
الحوار الثنائي مطلب «المستقبل» و«حزب الله» لمواجهة العواصف الإقليمية وحماية الأمن
في حمأة التأزم السياسي القائم وغياب الحلول الكفيلة بإخراج لبنان من مأزقه، بالرغم من المحاولات التي يقوم بها رئيس مجلس النواب نبيه بري لإنضاج تسوية تبدو بعيدة، يبقى الحوار الجاري بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» مبعث ارتياح، على استمرار التهدئة بما يضبط الشارع من أي توترات قد تحدث، حيث يظهر حرص الطرفين على استمراره، وإن كانت نتائجه حتى الآن متواضعة وليست في حجم الآمال التي كانت معقودة عليه، لأنه قد يساعد في المرحلة اللاحقة على إعادة التواصل بين الأطراف السياسية والتمهيد لإيجاد الأرضية المناسبة لولوج باب هذه التسوية، وبما يؤدي إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة وإقرار قانون عادل للانتخابات النيابية، ورغم التشدد في المواقف السياسية من جانب «المستقبل» و«حزب الله»، إلا أن المفارقة اللافتة أن الفريقين يحاولان عزل خلافاتهما السياسية عن أجواء الحوار الثنائي الذي يركزان في الجانب الأكبر منه على التأكيد على دعم الاستقرار الداخلي وتوفير كل الظروف الملائمة التي تساعد الجيش على القيام بمهماته من أجل حفظ الأمن على طول مساحة البلد، في ظل الأوضاع الأمنية المتفجرة في المنطقة، حيث الخشية كبيرة من انتقال العدوى إلى لبنان، ولهذا فإن كلاً من «المستقبل» و«حزب الله» يسعيان إلى إبقاء الأمن ممسوكاً ومتماسكاً في لبنان قدر الإمكان، من أجل تجاوز المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة بأقل الخسائر الممكنة، دون السماح للخلافات السياسية القائمة بترك انعكاساتها على الاستقرار الأمني في الداخل، بالنظر إلى تداعياتها التي لن تكون في مصلحة أحد.
وتشير مصادر في «تيار المستقبل» لـ«اللواء»، إلى أن في معظم جلسات الحوار يتم التطرق إلى عدد من الملفات السياسية وفي مقدمها الاستحقاق الرئاسي وضرورة خلق المناخات التي تسمح بالإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، كذلك الأمر استعراض سبل الخروج من هذه الأزمة، إضافة إلى البحث في إمكانية تقريب المسافات المتباعدة في شأن قانون الانتخابات النيابية، لكن دون التوصل إلى نتائج حاسمة على هذا الصعيد، مشيرة إلى أن «تيار المستقبل» في كل جلسة، كما في جلسة الحوار الأخيرة، أكد أن مدخل الحل لكل المشكلات في البلد، يكمن في التوافق على انتخاب الرئيس العتيد الذي يبقى الضامن لحسن سير المؤسسات الدستورية، وتالياً لا يمكن توقع تفعيلاً لعمل هذه المؤسسات في ظل عدم وجود رأس للدولة، كذلك الأمر أبدى «تيار المستقبل» استعداداً للسير قدماً في قانون الانتخابات النيابية على أساس القانون المختلط، لكنه لم يشعر بأن «حزب الله» مستعد للسير بهذا المشروع، لأنه ما زال متمسكاً بالنسبية الكاملة التي لا يمكن القبول بها بشكل مطلق، ولذلك فإن استمرار الحوار بشأن هذا الموضوع قد يقود إلى تفاهم على القانون العتيد، إذا اقتنع «حزب الله» أن الحل يكون بالمختلط وليس بأي قانون غيره، إذا كان فعلاً لا يريد العودة إلى قانون «الستين» النافذ والذي بدأ يقترب شيئاً فشيئاً، إذا أخفقت الجهود في التوصل إلى قانون جديد للانتخابات.
وتشدد المصادر على أن وجهتي نظر الطرفين المتحاورين كانت متطابقة في الموضوع الأمني، لأن الاستقرار في البلد أولوية على ما عداه، وليس هناك مصلحة لأحد في اهتزاز الاستقرار القائم، ولذلك كان إجماع على الاستمرار في ترسيخ عوامل هذا الاستقرار وتوفير الغطاء للجيش اللبناني ليقوم بالمهمات المطلوبة منه، لتأمين دعائم الأمن في المناطق اللبنانية ورفع الغطاء عن كل المخلين والعابثين بالاستقرار.