هل خرج القرار في موضوع الانتخابات الرئاسية من يد المسيحيين او اخرجه الزعماء المسيحيون من أيديهم؟ وهل ان الافرقاء السياسيين من الطوائف الاخرى أبرياء من خروج هذا القرار في حال حصوله من يد المسيحيين وما هو حجم مسؤوليتهم؟ وهل الحوار المرتقب بين تيار المستقبل و”حزب الله” هو الآلية لإخراج التوافق على موضوع الرئاسة من عنق الزجاجة مترجما قبولا او حلحلة اقليمية على هذه النقطة بالذات على غرار ما حصل بالنسبة الى الاختراق الذي حققه التوافق على تأليف الحكومة الحالية من دون التوافق على اي امر اخر سواها؟
لا يمكن تجاهل هذه الأسئلة في ظل العناوين التي حددها الرئيس سعد الحريري للحوار والذي قال فيها أمورا متوقعة لجهة موضوع رئاسة الجمهورية ولجهة مبدأ الحوار وافقه في تخفيف حدة التشنج السني الشيعي في البلد باعتبار انه دأب على تكرار ذلك في الآونة الاخيرة مع اضافة عناصر جديدة يتصل ابرزها بجدية الحوار من جهة واستعداده له من جهة ثانية وبموضوع انسحاب متواز لكل من مرشحي قوى ٨ آذار العماد ميشال عون وقوى ١٤ آذار الدكتور سمير جعجع من السباق الرئاسي لمصلحة مرشح توافقي ثالث. وفيما فسر البعض الانتقادات القاسية التي وجهها الحريري الى “حزب الله” بأنها من اجل استيعاب ردود الفعل الرافضة للحوار مع الحزب من ضمن فريقه ومن ضمن قوى ١٤ آذار، فان ذلك لا يلغي اهمية الحوار لمجرد حصوله من اجل تخفيف وطأة التشنجات في الوقت الذي يبدو محسوما ان الحوار حول رئاسة الجمهورية هو ابرز ما سيكون العمل منصبا عليه في الحوار بين الطرفين.
السؤال عن خروج القرار حول الانتخابات الرئاسية من يد المسيحيين يثار من زاوية ان تيار المستقبل على الاقل والذي سيكون احد طرفي الحوار المزمع عقده مع الحزب كان أصر على ان يتفق المسيحيون في ما بينهم. وبعد مضي بضعة أشهر على عدم بروز اي مؤشر محتمل على التوافق المسيحي المسيحي يطرح السؤال الى متى يجب انتظار المسيحيين وهل سيتفقون يوما؟ ومع ان الحريري أصر على التشاور مع حلفائه المسيحيين في اي خطوة تتصل بهذا الموضوع وهو قال انه لا يريد البحث به مكررا مرارا ضرورة التوافق المسيحي المسيحي والإصرار عليه كما قال مرارا ومنذ فتح ملف الرئاسة انه مع ما يقرره المسيحيون، الا ان مصادر قريبة من مرجعية مسؤولة تخشى ان يكون الملف الرئاسي خرج فعلا من أيدي الافرقاء المسيحيين. وفي الظروف الآيلة الى هذه الخلاصة ثمة مرجعيات اساسية قد تكون باتت على هذا الاعتقاد. فمن جهة بلغ التصعيد الذي قاده البطريرك الماروني مار بشارة الراعي سقفا عاليا قد يكون ساهم في عدم خدمة موقع بكركي الوطني فيما ان البطريرك هو مرجع معنوي وليس ناخبا اول وقد يكون جل ما يمكن ان يقوم به هو امتلاك حق الفيتو على اسماء معينة في حين انه لم ينجح في جمع اربعة من الزعماء الموارنة المرشحين الذين لن يتنازل احدهم للآخر أيا تكن الظروف.
ومع الإقرار بعدم وجوب وعدم القدرة على ابعاد المسيحيين ابدا عن الموضوع، فانه ينبغي الإقرار بان هناك يأسا وأحباطا من جانب الخارج في شكل خاص بحيث أوحى الزعماء الموارنة بانه لا يمكن الاعتماد عليهم من اجل ان يتم انتخاب رئيس جديد. ومن هنا يأتي إقفال أبواب القدرة داخل الصف المسيحي على حل هذه العقدة المتحكمة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية. فالخلافات المسيحية المسيحية باتت تتحكم بقوة بهذا الملف الى حد تحوله كارثة عليهم مع الثنائية التي أضحت مشكلة يتعذر الخروج منها علما انه ينبغي الإقرار بان المرونة التي أبدتها قوى ١٤ آذار في مقابل تصلب “حزب الله” وراء النائب العماد ميشال عون بذريعة تمتعه بالحرية من اجل استنفاد فرصه ساهمت في الفشل المسيحي على التوافق. ناهيك عن عوامل اخرى يتحملها افرقاء آخرون غير مسيحيين لكنها تتلطى وراء العقد المسيحية وتفيد من توظيفها.
اذا وفي ظل اليأس من قدرة المسيحيين واستنفادهم شهورا من دون جدوى هل يجب على الطوائف الاخرى السعي الى توافق ام لا، وما الذي يمكن القيام به بعد حوار بين تيار المستقبل والعماد عون لم يساهم في تعزيز فرص الاخير ولم يفض سوى الى تعزيز ضرورة قيام حوار سني شيعي يعتقد كثر انه قد يؤدي في مرحلة ممكنة الى توافق على انتخاب الرئيس العتيد. يقول قريبون من الرئيس الحريري انه وكما أوضح في حديثه الاخير لا يريد ان يتحمل هذا الدور ولا يريد ان يقرر عن المسيحيين الذين يتعين عليهم ان يتفقوا في المقام الاول على اسم لرئاسة الجمهورية. لكن كثرا يقرون بانه وبحكم الامر الواقع وفي ظل استحالة اتفاق مسيحي مسيحي فإنه ينبغي الإقرار بانه حين تحصل اجتماعات اساسية للحوار بين متخاصمين فان جزءا كبيرا من المفاوضات يكون قد تم التمهيد له بحيث ان الظاهر من الكلام المعلن لا يكشف كليا التحضيرات الجدية التي آلت الى هذه الخطوة أكانت هذه التحضيرات محلية او اقليمية دولية بناء على ما يعتقد ان فرنسا بذلته من مساع لدى ايران من اجل اخراج ملف الرئاسة اللبنانية من دوامة التعطيل.