IMLebanon

حوار ثنائي… أم حلف رباعي جديد؟

لن يسمع اللبنانيون مَن ينتقد إستئناف الحوار بين تيار «المستقبل» و«حزب الله» تفادياً للفتنة السنّية – الشيعية ولتهيئة القواعد لمرحلة من التبريد بعد موجات التحريض. لكنّ في الكواليس كلاماً كثيراً مقروناً بالتحذير من مشروع حلف رباعي جديد بانضمام حركة «أمل» والحزب التقدمي الإشتراكي الى تفاهم يتجاهل الحلفاء المسيحيين على ضفّتَي الصراع.

لا تخفي المداولات الداخلية القائمة في مطابخ الأحزاب المسيحية وصفوفها الحديث عن هواجس يمكن أن يقود اليها الحوار بين «حزب الله» وتيار «المستقبل»، فالتجارب السابقة عادت على اللبنانيين بأحلاف جديدة تجاوزت مختلف الساحات الحزبية المسيحية، ووضعَتها أمام أمر واقع جديد لا يمكن تجاوزه في حال نبَش البعض التاريخ الحديث من دون العودة الى الأبعد منه.

ففي المقاربات التي تتشابه في شكلها ومضمونها، ما يجري الإعداد له من حوار بين «المستقبل» و»حزب الله» وفق جدول أعمال أنجزه كلّ من الرئيس نبيه برّي والنائب وليد جنبلاط، برضى سعودي – ايراني غير مسبوق سمح لهما بتأجيل البحث في الملفات الخلافية مهما كبر شأنها وعظمت وقائعها.

وعلى رغم الخلاف المفتوح بين القطبين الخليجي والفارسي على مختلف المستويات، وما جنّدت له من مخصصات مالية وعسكرية، فقد سمحا بحوار لبناني داخلي يمكن أن يؤدي الى تفاهم مرحلي لتبريد الساحة اللبنانية وإبعاد التردّدات السلبية للصراع بينهما، من الخليج العربي الى قلب الشرق الأوسط، وتحديداً من اليمن والبحرين الى العراق وسورياً وصولاً الى افغانستان وأجزاء من العالم الإسلامي حيث المواجهة مفتوحة بينهما على مختلف الخيارات السلبية.

ومن هذه المنطلقات، تحفل الأندية السياسية والحزبية المسيحية بنقاش في شأن تحضيرات الحوار بعدما ثبت لدى الجميع أنّ الطرفين سحبا من التداول مختلف العناوين الخلافية، وتحديداً ما يتصل بوجود «حزب الله» في سوريا ودوره الأمني والعسكري فيها، وصولاً الى مصير سلاحه في لبنان بعدما تحوّل عن هدفه الأساس في مواجهة الإحتلال الإسرائيلي الى الداخلين السوري واللبناني على حدٍّ سواء.

وبات له وجوده المكثف والمنتشر علناً في مناطق لبنانية لم تشهد انتشاراً مماثلاً في السابق، وسط ملامح توسع إضافي في قرى وبلدات بقاعية وشمالية مسيحية ودرزية وسنّية في مواجهة التكفيريين.

وعلى هذه القواعد، تتبادل الأندية الحزبية المسيحية سيناريوهات عدة في حال نجَحت «الضغوط الخارجية» و«المقالب الداخلية» في تسريع الحوار توصلاً الى برمجة التفاهم على بعض الملفات الداخلية، ومنها انتخاب رئيس الجمهورية والتفاهم على أخرى تعزيزاً لمواجهة أسباب الفتنة المذهبية وتطويقها على رغم تراجع المخاوف منها في مناطق عدة الى الحدود الدنيا، لكنها بقيت مشتعلة في «مناطق نموذجية» تتصادم فيها عقائد الطرفين على خط تماس شديد وحام.

وعليه، يستحضر النقاش الجاري التفاهمات السابقة بين الأطراف الأربعة، الذين فرضوا بنتيجتها على حلفائهم المسيحيين حلولاً كانت مرفوضة،

وأبرزها التمديد الأول للمجلس النيابي، بعدما كان كافياً أن يتفاهم هؤلاء على الخطوة كما في التمديد الثاني.

ولم يكن سراً عندما نادى برّي علناً بالتغطية الميثاقية المسيحية والمارونية، الى أن وُفّقوا بالتغطية التي وفّرتها كتلة «القوات اللبنانية»، فبقيت كتلتا الكتائب و«التيار الوطني الحر» خارج التغطية للتمديد.

ولذلك يتردّد سؤال في الأندية ذاتها: ماذا لو تمّ التفاهم على هوية الرئيس العتيد للجمهورية واسمه على قاعدة تستثني الأقطاب الأربعة الموارنة او تتجاوزهم، وهم الذين عجزوا عن التفاهم على الأقوى في ما بينهم؟ وفي حال التفاهم على مرشح خامس من الصف الثاني او الثالث، فهل سيكون للأقطاب المسيحيين الأربعة رأي؟ وكيف سيغطّون مثل هذا الإتفاق؟ أم سيرفضونه؟

عند هذه الأسئلة نكتفي في محطة اليوم لأنّ البحث في جوانب أخرى يطول ولا يتّسع له هذا المقال. ويمكن إضافة أسئلة أخرى ومنها: كيف سيتصرّف القادة الأربعة في مواجهة حلف رباعي جديد يفرض أمراً واقعاً لن يكون حوله وفيه ايّ نقاش؟ فما هو معلوم في أندية ضيقة أنّ مِن أطراف الحوار المنتظر هناك مَن تبلّغ بما هو مرفوض، مقروناً بالتحذير من أيّ تفاهم يتجاوز هذا الواقع الحساس ومن تبعاته لا أكثر ولا أقل.