IMLebanon

الثنائية المارونية والشيطان الأكبر

هنيئاً لهذا الوفاق وشدّ الوثاق بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، وعين الحاسد تبلى بالعمى.

نريد أن نرى هذه الثنائية وهّاجة تناطح النجم شموخاً الى الذروة المارونية حيث «المُلْكُ» والقوة والمجد… وحيث هي المرجعية المطلقة العظمى، من رَحَمها يولد الزعماء والرؤساء والنواب والوزراء، وفي حرَمِها يترعرع رجال الإكليروس ويتم تطويب القديسين.

ونريد أن نرى أقطاب هذه الثنائية في ذروة الحكمة والتفكُّر والتفوق العقلي، فهمْ في العقل أقوى وفي الزند أوهى، على غرار ما كان في العصر العباسي وقد تأثر المسلمون بالفلسفة اليونانية فكانوا يطلقون على من يشتغل بالطبِّ إسم الحكيم لأن الطب كان من أبواب الحكمة والفلسفة.

بهذه المبالغة من الوصف نريد لهذه الثنائية المارونية – المسيحية أن ترتقي أعلى مناكب الأمجاد ومراتب العروش، بعد انقضاء عهود على تغييب الحضور المسيحي والنفوذ المسيحي وتهديد الوجود الوطني المسيحي، مع ما كان للتصارُعِ بين الثنائيات من أثر في قيام عصر الإنحطاط المسيحي… ورُبَّ يدٍ للقتيل قد تفوق يدَ القاتل.

نقول هذا، من باب تنفيخ اللَّبن بسبب الإكتواء بالحليب، ونحن ندرك أن هذا الشيطان الأكبر الذي يتسلَّط على رئاسة الجمهورية، لا يستطيع أن يحرِّك الغرائز والأهواء ما دام هناك تطواف طاهر بصورة مار مارون وسط زياحات الإيمان وحرق البخور في وجه الشياطين.

ولن تساورنا الخشية في ما سمعناه منذ أيام على لسان الوزير جبران باسيل وهو يعلن أن الممر الإلزامي الى طريق بعبدا أصبح مكتوباً للمرشح الماروني الأقوى، وهو لن يعترض على ترشيح الدكتور سمير جعجع لرئاسة الجمهورية إن استطاع أن يكون هو الأقوى، وأرجو ألا نخشى من أن تكون المعركة قد بدأت منذ اليوم حول من سيكون الأقوى ليكون هو الرئيس.

على أننا في المطلق، لسنا مع هذه القاعدة التي تكرّس الأقوى للرئاسة، فالرئاسة أولاً: لها معاييرها الذاتية في تحديد عناصر القوة والتي تتخطى قوة الشارع.

وللرئاسة ثانياً: معاييرها الدستورية التي تتخطّى قاعدة: إما الجنرال ميشال عون وإمّا اللّارئاسة.

وإنّ لها ثالثاً: محاذيرها في تكوين السلطة ورئاسة السلطات الثلاث، فإذا كان الماروني الأقوى هو المرشح بالقوة لرئاسة الجمهورية، والشيعي الأقوى هو المرشح حكماً لرئاسة المجلس النيابي، وهكذا بالنسبة الى السني في رئاسة الحكومة، فعلى كلٍّ من هؤلاء الأقوياء إذ ذاك أن يتسلَّق تلقائياً الى الجلوس على كرسيّ رئاسي، ولا حاجة من بعد الى الدستور والديمقراطية والقواعد الحقوقية، والأحكام الشرعية التي عليها تقوم أسس الدولة.

بهذا المفهوم العشائري تصبح الدولة دويلات على رأسها ثلاثة رؤساء، أو ثلاثة رؤوس لثلاثة كانتونات مذهبية، فيما الطوائف في لبنان تحتمل التأويل التشريعي لا الطائفي على مستوى السلطة.

يقول ميشال شيحا: “… كما يوجد في سويسرا كانتونات يوجد في لبنان طوائف، أساس الكانتونات مناطق، وأساس الطوائف تشريع…”

وما دمنا نستشهد بالعصر العباسي فإن الدولة العباسية الأولى قبل أن تتأثر بالفلسفة اليونانية، تناثرت تحت ضغط العوامل الخارجية والفساد الداخلي في طريقة الحكم، حتى لم يبق من سلطة الخليفة سوى ذكر إسمه في بعض المساجد عند الصلاة.

وخذوا الحكمة من العقلاء لا من المجانين.