Site icon IMLebanon

مليارات الأسلحة لأي جيش؟

في وقت كان الرئيس سعد الحريري يبشر من امام قصر الاليزيه بقرب تنفيذ هبة المليار دولار المقدمة من السعودية للجيش والقوى الامنية، كانت وسائل الاعلام تبث بيان “حزب الله” عن تنفيذ العملية في مزارع شبعا المحتلة. فبدا المشهد اللبناني في تلك اللحظة في حالة انفصام ما بين جيش افتراضي لدولة افتراضية يجري العمل على إخراجه الى حيز الوجود من خلال دعم غير مسبوق لتسليحه وبين جيش فعلي لدولة فعلية أنجز تسليحه منذ عقود ويمارس دوره بلا قيود. وهنا يدور الكلام على الدولة اللبنانية وجيشها وعلى “حزب الله” الذي يتصرف على أساس انه في جمهورية له مطلق الحرية للتحرك فيها. فهل سيطرأ أي تعديل على المشهد إذا ما وصلت أسلحة المليار دولار ثم أسلحة الثلاثة مليارات دولار التي سارع وزير الدفاع الفرنسي الى زف بشراها ربطا بزيارة الحريري والتي كانت مقدمة من السعودية لكنها علقت في اجراءات غير مفهومة منذ شهور؟

رب قائل ان المهم ان تصل هذه الاسلحة وبعد ذلك لكل حادث حديث. ربما يمثل هذا المنطق حلا لهذه المعضلة لكنه يشبه المسكّن وليس الدواء المطلوب. لقد عاش لبنان ولا يزال منذ عقود طويلة تجربة إزدواجية السلطة فكانت النتيجة مصائب تلو المصائب. ولا ضير من مراجعة تجربة “اتفاق القاهرة” في نهاية الستينات من القرن الماضي الذي شرّع السلاح الفلسطيني فكانت النتيجة انهيار الدولة امام صعود الميليشيات. ثم كانت مرحلة الاحتلال الاسرائيلي والوصاية السورية حتى جاء العصر الايراني الذي أقام ذراعا في هذا البلد متمثلا بـ”حزب الله” فارضا وجوده بمنطق القوة لا بقوة المنطق.

يقول احد المسؤولين ان في مؤسسة الجيش جنرالات ما يعادل نصف عدد جنرالات الجيش الاميركي. فهل امتلك لبنان نصف القوة التي تتمتع بها الولايات المتحدة الاميركية؟بالطبع لا. لكن هذا لا يعني طمر الرؤوس في الرمال والاكتفاء بالصراخ على تفلّت سلاح “حزب الله” الذي أكمل عدة توريط لبنان جنوبا وشرقا. بل يجب ان تكون هناك مساءلة حازمة في قضية سيادة الدولة على اراضيها. ماذا سيقول لبنان عندما ينتهي التحقيق الدولي الجاري في عبوة شبعا عندما يسأل عن هوية المسلح الذي كان يرتدي ثياب جندي عندما كان يزرع العبوة؟ماذا كانت النتيجة بعد تدخل مدفعية الجيش لرد المسلحين السوريين الذين اقتحموا مراكز “حزب الله” في جرود بريتال؟ فهل سارعت الدولة الى هذه المرتفعات لكي تمسك بزمام الامن فيها باعتبار انها من أراضي الدولة اللبنانية؟ ليس الامل كبيرا في ان نسمع اجوبة من وزير دفاع كتوم أو من وزير خارجية أعاد تذكيرنا بوزير سابق كان ينطق بلسان دمشق من بيروت. فهل تحرّكت لجنة الدفاع النيابية التي يترأسها النائب الصديق سمير الجسر لكي تطرح الاسئلة وتسمع الاجوبة؟ لا بد من المطالبة بكشف حساب مع من جرى تكليفهم مهمة ادارة سيادة الدولة التي تبدو حتى الآن افتراضية خصوصا وان الجيش وسائر القوى الامنية بأمسّّ الحاجة لكي تصوّب امامها البوصلة.