هل كان العالم والمنطقة العربيّة بحاجة إلى تغريدة وزير الخارجية الأميركي مايكل بومبيو، والتقرير الذي نشرته وزارته عن 18 مليار دولار هي حجم الإنفاق المالي الإرهابي الإيراني لتدمير اليمن وسوريا والعراق، وبالطبع نسيَ بومبيو لبنان وحجم إنفاق إيران على حزبها فيه، وللمناسبة فقط إيران أنفقت أكثر بكثير من هذا الرقم ومنذ ثمانينات وتسعينات القرن الماضي في اليمن على أتباعها الحوثيين وفي سوريا، وفي العراق أيضاً!
«الحسبة» الإيرانية أكبر من ذلك بكثير، وطبعاً إشفاق بومبيو على الشعب الإيراني الذي يكافح بينما نظامه يهدر الأموال، لا يعني أحداً من الشعوب التي وقع عليها عبث إيران بأمنها واستقرارها ومصيرها، لأنّ الشعب الإيراني نفسه يتحمّل عدم محاسبة نظام الخميني والخامنئي إذ تركوا هذا النظام يهدر ثرواتهم وأموالهم وحقوقهم، ويصرفها على ميليشيات إرهابيّة تتبع مباشرة له ولفيلق القدس الذي أنشأه «الباسيج» لينفّذ مخطط الخميني في إشعال المنطقة لوضع اليد عليها تحت «تصدير الثورة» أو «نشر التشيّع الفارسي»!
في تشرين الأول من العام 2016 نشر موقع ميدل إيست إي البريطاني دراسة أكثر تفصيلاً ودقّة بكثير من تقرير الخارجية الأميركية عن حجم إنفاق إيران على ميليشياتها في المنطقة العربيّة، فيما كشفت دراسة صادرة عن «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات» في كانون الثاني من العام الجاري، أنّ ميليشيا حزب الله اللبناني، تتلقى مبلغاً يتراوح بين 700 إلى 800 مليون دولار سنوياً من إيران، لتمويل أنشطتها الإرهابية، وأفاد التقرير، بأنّه وفي الفترة ما بين عامي 2006 و2009، تم رفع قيمة التمويلات الإيرانية للميليشيات اللبنانية، التي أدرجت ضمن قوائم المنظمات الإرهابية في كثير من الدول، إلى 350 مليون دولار سنوياً، نظراً إلى ارتفاع أسعار البترول.
وبحسب الدراسة التي نشرها موقع ميدل إيست إي البريطاني بلغ حجم الإنفاق الإيراني منذ الاحتلال الأميركي عام 2003 نحو 10- 35 مليون دولار أميركي سنوياً، ووصل الذروة عام 2009 حيث بلغت الأموال الإيرانية التي تدفقت على تلك الميليشيات نحو 200 مليون دولار، أمّا في سوريا فحدّث ولا حرج إذ بلغ حجم الإنفاق الإيراني لدعم نظام المجرم بشار الأسد نحو 15- 25 مليار دولار أميركي خلال السنوات الخمس من عمر الصراع في سوريا، أما حجم الأموال الإيرانية التي أنفقت على الحوثيين في اليمن فبلغت ما بين 10- 25 مليون دولار سنوياً منذ العام 2010، فعن أي 18 مليار دولار فقط يتحدّث تقرير الخارجية الأميركية ووزيرها مايكل بومبيو؟!
لا تستطيع أميركا أن تخدع أحداً بالحديث عن إيواء إيران لتنظيم القاعدة، هناك محكمة أميركية أعلنت صراحة أن إيران متورطة في أحداث 11 أيلول وغرّمتها مبالغ طائلة بحكم قضائي، ولم تفتح الرئاسة الأميركية ولا الكونغرس الأميركي أفواههم بكلمة، ولا تستطيع أميركا أن تتفجّع، قبل أسبوع من اليوم أصيب كثيرون بصدمة أن أميركا كانت لم تزل مقيمة على معاهدة الصداقة بينها وبين إيران الخميني والخامنئي الذين قتلوا جنوداً أميركيين ومدنيين أميركيين منذ العام 1983 في اعتداءات هي الأكبر منذ إغراق المدمرة بيرل هاربور التي دخلت أميركا على أثر الغارات اليابانية عليها الحرب العالمية الثانية، أساساً الخميني نفسه عاد إلى إيران بدعم ورعاية من السياسة والمخابرات الأميركيّة، فلا داعي ليبيع بومبيو العالم تقارير «هردبشتيّة» لا تستخدم إلا كمحاولة ضغط على طهران ليس إلا!!
لم يكن القائد العام للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري يتشدّق عندما أعلن سيطرة إيران على أربع عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، وللمناسبة هذه السيطرة تختزل رمزيّة تاريخية إذ تعلن إيران مواربة أنها تسيطر على عاصمتين عربيتين هما بغداد ودمشق، تمثلان رمزاً تاريخيّاً للخلافة الإسلامية السنية، وتقرع بعنف أبواب الحجاز للسيطرة على الحرمين الشريفين مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة، وهذا أمر لا رجعة فيه بالنسبة لإيران، ومن المؤسف أننا في لبنان كنّا بوّابة هذه السيطرة والأداة التي حفرت عبرها بئر عميقاً لتردم في قعره المنطقة عن بكرة أبيها!