لم يعد سراً، أنّ لبنان، يمر منذ وقت طويل بأزمة إقتصادية – إجتماعية – معيشية بالغة التعقيد، وغالبية اللبنانيين الساحقة باتت تحت خط الفقر، وبالكاد تجد قوت يومها… وهم يعانون ويكابدون ويوصلون الليالي بالنهارات سعياً وراء لقمة العيش… وهم يتطلعون الى مجلس النواب، وينتظرون منه خطوات، هي أصلاً من صلب واجباته، ومهماته، تعيد الى اللبنانيين، شيئاً من حقوقهم، وشيئاً من الأمل بعودة الفرج والخروج من هذه المآسي التي حطت بكامل أثقالها وبكامل تداعياتها… لتكون المأساة مضاعفة، حيث تكشف المعطيات، والوقائع اليومية عن واقع لم يسبق في ثقله المؤلم، بعدما انحرف من يدّعون أنهم «ممثلو الأمة» (النواب) عن واجباتهم ومسؤولياتهم وما عاد لهم من همّ سوى «الوجاهة» و»العنطزة» وغير ذلك؟!
في لبنان 128 نائباً، يتقاضى كل واحد من هؤلاء «تعويضاً شهرياً» (لا يسمّونه راتباً) يصل الى 11 مليون ليرة لبنانية… سواء حضر الى مجلس النواب، أو لم يحضر، أو غاب الدهر كله… فتكون النتيجة 11 مليون128x نائباً= 8.433.600.000 ل.ل. ثمانية مليارات وأربعمائة وثلاثة وثلاثون مليون وستماية ألف ليرة لبنانية في الشهر الواحد، تدفع للنواب.. تنتزع من قلوب اللبنانيين وجيوبهم.. فتكون الحصيلة في السنة الواحدة سبعة عشر ملياراً ومايتان وثلاثة ملايين ومئتي ألف ليرة.. هذا عدا جملة مزايا يستفيد منها النواب وهي على سبيل المثال لا الحصر:
– تغطية صحية كاملة، درجة أولى لهم ولعائلاتهم…
– رواتب «التعويضات» تستمر حتى بعد خروج النائب من مجلس النواب، إن بسبب الوفاة أو بسبب الفشل في الانتخابات…
– إعفاءات وتعويضات مدى الحياة وجمركية ومرافقة، وهي بمليارات الليرات.
كل ذلك، والدولة العلية «تكسر يدها وتشحد عليها» وتمنع عن المواطنين والموظفين المحدودي الدخل أبسط الحقوق، بحجة عدم وجود التمويل الكافي… هذا مع الإشارة الى أنّ «الدين العام تجاوز حدود الثمانين مليار دولار…».